يوم الموت في الوصية ويوم القبض في الهبة، ولو خصص بها نصفه الحر أو الرقيق أو أحد السيدين تخصص. (وإن عتق) أو بيع بعد موت الموصي والقبول فالملك للمعتق أو البائع. وإن عتق أو بيع (بعد موته) أي الموصي، (ثم قبل) الوصية (بني) الكلام في هذه المسألة (على أن الوصية بم تملك) إن قلنا بالموت بشرط القبول وهو الأظهر، أو بالموت فقط فهي للمعتق أو البائع، وإن قلنا بالقبول فقط فللعتيق في الأولى والمشتري في الثانية. ولو عتق مع الموت فالملك للعتيق لأنه حر وقت الملك. أما إذا أوصى لعبد نفسه، فإن أوصى له برقبته صح، وإن أوصى له بثلث ماله نفذت الوصية في ثلث رقبته لأنه من ماله وعتق ذلك الثلث وباقي الثلث من سائر أمواله وصية لمن بعضه ملك للوارث وبعضه حر.
وإن أوصى له بمال ثم أعتقه فهو له أو باعه للمشتري وإلا بأن مات وهو في ملكه فوصية لوارث، وسيأتي حكمها.
ولو أوصى له بثلث ماله وشرط تقديم عتقه فأزمع عتقه بباقي الثلث. وتصح الوصية لأم ولده لأنها تعتق بموته ومكاتبه لأنه مستقل بالملك ومدبره كالقن، فإن عتق المكاتب فهي له وإلا فوصية لوارث لأنه المالك له وقت الملك أو عتق المدبر. وخرج عتقه مع وصيته من الثلث استحقها، وإن لم يخرج منه إلا أحدهما قدم العتق فعتق كله، ولا شئ له بالوصية. وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية لمن بعضه للوارث. (وإن أوصى لدابة) لغيره (وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة) هذه الوصية جزما، لأن مطلق اللفظ للتمليك، والدابة لا تملك، بخلاف الاطلاق للعبد فإنه ينتظم معه الخطاب ويأتي معه القبول، وربما عتق قبل موت الموصى فيثبت له الملك بخلاف الدابة.
تنبيه: قد جزموا هنا بالبطلان، وذكروا في إطلاق الوقف عليها وجهين، قال الرافعي: فيشبه مجيئهما هنا. وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض فينبغي إضافته إلى من يملك بخلاف الوقف. قال المصنف: والفرق أصح. قال الزركشي:
وقياس ما مر في صحة الوقف على الخيل المسبلة صحة الوصية لها، أي عند الاطلاق بل أولى. (وإن قال ليصرف في علفها) بسكون اللام وفتحها بخطه، الأول مصدر والثانية للمأكول. (فالمنقول) وعبر في الروضة بالظاهر المنقول (صحتها) لأن علفها على مالكها فهو المقصود بها، كالوصية لعمارة داره فإنها له لأن عمارتها عليه فهو المقصود بها، هذا ما نقله الرافعي عن البغوي والغزالي وغيرهما. ومقابل المنقول احتمال للرافعي فإنه قال: وقد تقدم في نظيره من الوقف وجهان، فيشبه أن هذا مثله، وعبارة المحرر: فالظاهر الصحة. قال في الدقائق: ومراده بالظاهر ما ذكرناه من أنه المنقول لا أنه ناقل الخلاف في صحتها اه. وعلى المنقول يشترط قبول مالك الدابة والدار أيضا كسائر الوصايا. ثم يتعين صرفه في الأولى لعلفها وفي الثانية لعمارتها كما بحثه شيخنا دعاية لغرض الموصي، ويتولى الانفاق عليها الوصي أو نائبه من مالك أو غيره ثم القاضي أو نائبه كذلك، فلو باعها مالكها انتقلت الوصية للمشتري، قال المصنف: كما في العبد، وقال الرافعي:
هي للبائع، قال السبكي: وهو الحق إن انتقلت بعد الموت وإلا فالحق أنه للمشتري، وهو قياس العبد في التقديرين.
وقضيته أنه فهم أن المصنف قائل بأنها للمشتري مطلقا، وليس مرادا، بل قوله كما في العبد يقتضي أنه قائل بالتفصيل، وعليه لو قبل البائع ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ذلك لفعلها وإن صارت ملك غيره. (وتصح) الوصية من كل مسلم أو كافر (لعمارة) أو مصالح (مسجد) إنشاء وترميما، لأنه قربة وفي معنى المسجد المدرسة والرباط المسبل والخانقاه، وقيد في الكافي وغيره المسجد بالموجود، فإن أوصى لمسجد سيبني لم تصح جزما، وهو نظير ما جزم به الرافعي فيما إذا وقف على مسجد سيبني. (وكذا إن أطلق) الوصية للمسجد ونحوه، كأوصيت له بكذا يصح (في الأصح وتحمل على عمارته ومصالحه) لأن العرف يحمله على ذلك ويصرفه قيمه في أهمها باجتهاد. والثاني: يبطل، لأنه لا يملك كالدابة. ورده الإمام بأن الوصية للدابة نادر مستنكر في العرف فتعين اعتبار اللفظ.