أو طلقهما جميعا ثم راجع إحداهما لم تصح الرجعة، إذ ليست الرجعة في احتمال الابهام كالطلاق لشبهها بالنكاح وهو لا يصح مع الابهام، ولو تعينت ونسيت لم تصح. ولو علق طلاقها على شئ وشك في حصوله فراجع ثم علم أنه كان حاصلا ففي صحة الرجعة وجهان أصحهما كما قاله شيخ المصنف الكمال سلار في مختصر البحر أنها تصح رجعتها أيضا في الأصح.
(وإذا ادعت) المعتدة البالغة العاقلة (انقضاء عدة أشهر) كأن تكون آيسة (وأنكر) زوجها ذلك، (صدق بيمينه) لرجوع ذلك إلى الاختلاف في وقت طلاقه، والقول قوله فيه، فكذا في وقته لأن القاعدة أن من قبل قوله في شئ قبل قوله في صفته. ولو انعكست الصورة بأن ادعى الانقضاء وأنكرت صدقت بيمينها كما في الروضة وأصلها لأنها غلظت على نفسها، كذا قالاه، قال الأسنوي: وهذا بالنسبة لتطويل العدة خاصة، وأما النفقة في المدة الزائدة على ما يقوله الزوج فلا تستحقها كما قاله صاحب الشامل والكافي وحكاه في البحر عن نص الاملاء، أما الصغيرة والمجنونة فلا يقع الاختلاف معهما لأنه لا حكم لقولهما. (أو) لم تدع انقضاء أشهر بل ادعت (وضع حمل) حي أو ميت كامل أو ناقص ولو مضغة، (لمدة إمكان) وسيأتي بيانها قريبا. (وهي ممن يحيض لا آيسة فالأصح تصديقها بيمين) منها في وضع الحمل المذكور فيما يرجع لانقضاء العدة فقط، لأن النساء مؤتمنات على ما في أرحامهن، ولان البينة على الولادة قد تتعسر أو تتعذر. والثاني: لا، وتطالب بالبينة لأنها مدعية، والغالب أن القوابل يشهدن بالولادة، أما النسب والاستيلاد كما في الأمة تدعي وضع الولد من سيدها فلا يثبت الوضع بالنسبة لذلك إلا ببينة كما قاله الرافعي وغيره، وفرق بأن المرأة غير مؤتمنة في النسب، وبأن الأمة تدعي بالولادة زوال ملك متيقن، ولا بد من انفصال كل الحمل حتى لو خرج بعضه فراجعهما صحت الرجعة. ولو ولدت ثم راجعها ثم ولدت آخر لدون ستة أشهر صحت الرجعة وإلا فلا. واحترز بقوله: مدة إمكان عما إذا لم يمكن كما سيأتي، وبقوله: وهي ممن تحيض عن الآيسة والصغيرة كما صرح بها المصنف فلا يصدقان في دعوى الوضع، كما صرح بها في المحرر، وأسقطها المصنف، لأنه لا يقع الاختلاف معها كما مر، كذا قال الرافعي. ومن لم تحض، لأن من لا تحيض لا تحبل، كذا قاله هنا، لكنه ذكر في العدد ما يفهم إمكان الحبل فيها وهو المعتمد، فيحمل كلامه هنا على الغالب.
وأما مدة الامكان فبينها بقوله: (وإن ادعت ولادة تام فإمكانه) أي أقل مدة تمكن فيها ولادته، (ستة أشهر ولحظتان من وقت) إمكان اجتماع الزوجين بعد (النكاح) كما قاله في الروضة، لأن النسب يثب بالامكان. واعتبرت الستة لأنها أقل مدة الحمل كما استنبطه الإمام علي رضي الله تعالى عنه من قوله تعالى: * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * وقال: * ( وفصاله في عامين) * واللحظتان: لحظة للوطئ، ولحظة للولادة. (أو) ولادة (سقط مصور فمائة) أي فأقل إمكانه مائة (وعشرين يوما ولحظتان) من وقت إمكان اجتماع الزوجين بعد العقد (أو) لم تدع المعتدة وضع حمل بل ادعت إلقاء (مضغة بلا صورة) وشهد القوابل بأنها أصل آدمي، (فثمانون) أي فأقل إمكانه ثمانون (يوما ولحظتان) من وقت إمكان الاجتماع. ودليل هذين القسمين خبر الصحيحين: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد واستشكل هذا الحديث بخبر انفرد به مسلم، وهو: إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها الحديث، وأجيب بأجوبة، منها إن الخبر الأول أصح، ومنها أن هذا من الترتيب الاخباري وهو أن يخبر بالمتوسط أو المؤخر أولى، فلا يشترط فيه الترتيب، فكأنه قال أخبركم بكذا ثم أخبركم بكذا. ومنها أن يحمل التصوير في الثاني على غير التام، وفي الأول على التام. ومنها أن يحمل الثاني على التصوير بعد المدة المعتادة من الأول، ولا يمنع منه فاء فصورها إذ التقدير فمضت مدة فصورها، كما في قوله تعالى: * (فجعله غثاء أحوى) * فإن ادعت الوضع أي في أي قسم لأقل مما ذكر فيه لم تصدق وكان للزوج رجعتها.