مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٦
النكاح بنفسه) بأن يكون بالغا عاقلا مختارا غير مرتد، لأن الرجعة كإنشاء النكاح فلا تصح الرجعة في الردة والصبا والجنون ولا من مكره كما لا يصح النكاح فيها.
تنبيه: الاحتراز عن الصبي فيه تجوز فإنه لا يتصور وقوع طلاقه حتى يقال لا تصح رجعته، وتصح من السكران المتعدي بسكره. فإن قيل: يرد على هذا المحرم فإنه تصح رجعته ولا يصح نكاحه. أجيب بأن فيه الأهلية، وإنما الاحرام مانع، ولهذا لو طلق من تحته حرة وأمة الأمة صحت رجعته لها مع أنه ليس أهلا لنكاحها لأنه أهل للنكاح في الجملة وتصح مراجعة العبد والسفيه بلا إذن وإن احتاجا في النكاح إليه، إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء. قال الزركشي:
ولو عتقت الرجعية تحت عبد كان له الرجعة قبل اختيارها. (ولو طلق فجن فللولي الرجعة على الصحيح حيث له ابتداء النكاح) بناء على جواز التوكيل في الرجعة، وهو الصحيح. فإن قيل: مقتضى تعبيره أن في المسألة وجهين للأصحاب مع أن ما صححه المصنف منهما ليس بوجه بل هو بحث للرافعي جزم به الجيلي. أجيب باحتمال وقوف المصنف على نقل الوجهين. ثم شرع في الركن الثاني وهو الصيغة وفي انقسامها إلى صريح وكناية، فقال: (وتحصل) الرجعة من ناطق (براجعتك ورجعتك وارتجعتك) وهذه الثلاثة صريحة لشيوعها وورود الاخبار بها. ويلحق بها كما في التتمة ما اشتق من لفظها، كقوله: أنت مراجعة أو مرتجعة أو مسترجعة أو نحو ذلك. وتحصل الرجعة بمعنى هذه الألفاظ وما بعدها من سائر اللغات، سواء أعرف العربية أم لا، وسواء أضاف إليه أو إلى نكاحه، كقوله: إلى أو إلى نكاحي أم لا، لكنه يستحب.
تنبيه: لا يكفي مجرد راجعت أو ارتجعت أو نحو ذلك، بل لا بد من إضافة ذلك إلى مظهر كراجعت فلانة، أو مضمر كراجعتك، أو مشار إليه كراجعت هذه. (والأصح أن الرد والامساك) كرددتك أو أمسكتك، وفي لغة قليلة مسكتك، (صريحان) في الرجعة أيضا لورودهما في القرآن، قال تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) * أي في العدة * (إن أرادوا إصلاحا) * (1) أي رجعة، كما قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه. وقال تعالى: * (فأمسكوهن بمعروف) *. والثاني: أنهما كنايتان لعدم اشتهارهما في الرجعة. (و) الأصح (أن التزويج والنكاح) في قول المرتجع تزوجتك أو نكحتك، (كنايتان) وإن جوز العقد على صورة الايجاب والقبول كما صرح به في البيان وغيره لعدم اشتهارهما في الرجعة، ولان ما كان صريحا في بابه لا يكون صريحا في غيره كالطلاق والظهار. والثاني: هما صريحان لأنهما صالحان للابتداء فلان يصلحا للتدارك أولى.
(وليقل) أي المرتجع: (رددتها إلي أو إلى نكاحي) حتى يكون صريحا. وظاهر كلامه أن هذا شرط وهو كذلك كما في الروضة كأصلها، وجرى عليه ابن المقري خلافا لابن الرفعة في عدم اشتراطه، لأن المتبادر منه إلى الفهم ضد القبول. وقد يفهم منه الرد إلى الأبوين بسبب الفراق فلزم تقييده بذلك بخلاف البقية. (والجديد) وعبر في الروضة بالأظهر، (أنه لا يشترط) في الرجعة (الاشهاد) بها لأنها في حكم استدامة النكاح السابق، ولذلك لا يحتاج إلى الولي ورضا المرأة والقديم المنصوص عليه في الجديد أنه يشترط لا لكونها بمنزلة ابتداء النكاح، بل لظاهر قوله تعالى: * (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم) * أي على الامساك الذي هو بمعنى الرجعة. وأجاب الأول يحمل ذلك على الاستحباب، كما في قوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * للأمن من الجحود. وإنما وجب الاشهاد على النكاح لاثبات الفراش وهو ثابت هنا، فإن لم يشهد استحب الاشهاد عند إقرارها بالرجعة خوف جحودها فإن إقراره بها في العدة مقبول لقدرته على الانشاء. وعلى الجديد (فتصح) الرجعة (بكناية) ولهذا أتى بقاء التفريع لأنه مستقل بها كالطلاق. وعلى مقابله لا، بناء على أنها في حكم الابتداء.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460