أو أذنت فيه لم تنزع منه، كما لو نكحت رجلا بإذنها ثم أقرت برضاع محرم بينهما لا يقبل إقرارها. وإن بدأ بالزوج في الدعوى فأنكر صدق بيمينه لأن العدة قد انقضت والنكاح وقع صحيحا في الظاهر، والأصل عدم الرجعة. وإن أقر له أو نكل عن اليمين وحلف الأول اليمين المردودة بطل نكاح الثاني، ولا يستحقها الأول حينئذ إلا بإقرارها له أو حلفه بعد نكولها، ولها على الثاني بالوطئ مهر المثل إن استحقها الأول، وإلا فالمسمى إن كان بعد الدخول ونصفه إن كان قبله. (ومتى ادعاها) أي الرجعة (والعدة باقية) باتفاقهما وأنكرت، (صدق) بيمينه لقدرته على إنشائها، وهل دعواه إنشاء للرجعة أو إقرار بها؟ وجهان، رجح ابن المقري الأول تبعا للأسنوي، ورجح الأذرعي الثاني، وقال الإمام: لا وجه لكونه إنشاء، وهذا هو الظاهر. (ومتى أنكرتها) أي الرجعة، (وصدقت) كما تقدم، (ثم اعترفت) بها (قبل اعترافها) لأنها جحدت حقا ثم اعترفت به، لأن الرجعة حق الزوج. فإن قيل: إنها لو أقرت بنسب أو رضاع محرم بينها وبين آخر ثم رجعت وكذبت نفسها لا يقبل رجوعها، فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك. أجيب بأن هذا رجوع عن إثبات، والاثبات لا يكون إلا عن علم ففي الرجوع عنه تناقض، بخلاف الرجعة فإنه رجوع عن نفي والنفي لا يلزم أن يكون عن علم. نعم لو قال: ما أتلف فلان مالي ثم رجع وادعى أنه أتلفه لم تسمع دعواه، لأن قوله ما أتلفه يتضمن الاقرار على نفسه ببراءة المدعي عليه. فإن قيل: يرد على هذا الجواب ما لو أنكرت غير المجبرة الاذن في النكاح وكان إنكارها قبل الدخول بها أو بعده بغير رضاها ثم اعترفت بأنها كانت أذنت لم يقبل منها مع أنه نفي.
أجيب بأن النفي إذا تعلق بها كان كالاثبات، بدليل أن الانسان يحلف على نفي فعله على البت كالاثبات وجدد النكاح بينهما فلا تحل له بدون تجديد. (وإذا طلق) الزوج (دون ثلاث وقال وطئت) زوجتي قبل الطلاق (فلي) عليها (رجعة، وأنكرت) وطأه قبل الطلاق، (صدقت بيمين) أنه ما وطئها لأن الأصل عدم الوطئ. فإن قيل: إذا ادعى العنين أو المولى الوطئ، فإن القول قوله بيمينه مع أن الأصل عدم الوطئ. أجيب بأن المرأة في ذلك تدعي ما يثبت لها حق الفسخ، والأصل صحة النكاح وسلامته، وهنا الطلاق قد وقع والزوج يدعي ما يثبت له الرجعة، والأصل عدمه، فإن حلفت لا عدة عليها وتتزوج حالا، ويحرم عليه أختها وأربع سواها إلى أن تنقضي عدتها. (وهو) بدعواه وطأها (مقر لها بالمهر) وهي لا تدعي إلا نصفه، (فإن) كانت (قبضته فلا رجوع له) عليها بشئ منه عملا بإقراره، (وإلا فلا تطالبه إلا بنصف) فقط عملا بإنكارها، وإذا كانت أخذت النصف ثم اعترفت بوطئه هل تأخذ النصف الآخر أو لا بد من إقرار جديد من الزوج؟ فيه وجهان، أوجههما كما هو مقتضى كلامهم في الاقرار الثاني.
تنبيه: ترك المصنف ذكر اليمين في بعض صور التصديق للعلم بوجوبه من البعض الآخر.
خاتمة: لو كانت الزوجة المطلقة رجعيا أمة واختلف في الرجعة كان القول قولها بيمينها حيث صدقت الحرة بيمينها، لا قول سيدها على المذهب المنصوص عليه في الام والبويطي وغيرهما. ولو قال: أخبرتني مطلقتي بانقضاء عدتها فراجعتها مكذبا لها أو لا مصدقا ولا مكذبا لها ثم اعترفت بالكذب بأن قالت: ما كانت انقضت، فالرجعة صحيحة لأنه لم يقر بانقضاء العدة، وإنما أخبر عنها. ولو سأل الرجعية الزوج ولو بنائبه عن انقضاء العدة لزمها إخباره، قاله في الاستقصاء.
وفي سؤال الأجنبي قولان. والظاهر عدم اللزوم.