الاجل (قبل التسلم) لنفسها للزوج، (فلا حبس في الأصح) لوجوب تسليمها نفسها قبل الحلول، فلا يرتفع لحلول الحق، وهذا ما حكاه في الشرح الكبير عن أكثر الأئمة، وهو المعتمد. والثاني: لها الحبس كما لو كان حالا ابتداء، ورجحه القاضي أبو الطيب وقال: إن الأول غلط. وصوبه في المهمات هنا، وفي البيع اعتمادا على نص نقله عن المزني. قال الأذرعي: وقد راجعت كلام المزني فوجدته من تفقهه، ولم ينقله عن الشافعي. (ولو) تنازع الزوجان في البداءة بالتسليم، كأن (قال كل) منهما للآخر: (لا أسلم حتى تسلم) أي قال الزوج: لا أسلم المهر حتى تسلمي نفسك، وقالت هي: لا أسلمها حتى تسلم إلي المهر، (ففي قول يجبر هو) على تسليم الصداق أولا، لأن استرداده ممكن بخلاف البضع.
(تنبيه: محل هذا إذا كانت مهيأة للاستمتاع كما في الروضة وأصلها لا كمريضة ومحرمة. قال الأذرعي: ولا يختص هذا بهذا القول، بل هو معتبر على كل قول، حتى لو بذلت نفسها وبها مانع من إحرام أو غيره لم يجبر، صرح به العراقي شارح المهذب. (وفي قول: لا إجبار) على كل منهما لاستوائهما في ثبوت الحق لكل منهما على الآخر، وحينئذ (فمن) بادر و (سلم) منهما (أجبر صاحبه) على التسليم، (والأظهر يجبران، فيؤمر) الزوج (بوضعه) أي المهر، (عند عدل وتؤمر) الزوجة (بالتمكين، فإذا سلمت) نفسها (أعطاها العدل المهر) لما فيه من فصل الخصومة، قال الإمام: فلو هم بالوطئ بعد أن تسلمت المهر فامتنعت، فالوجه استرداده.
تنبيه: أشعر اقتصاره على الأقوال الثلاثة أنه لا يجئ قول بإجبار الزوجة، وهو كذلك كما صرح به الإمام لفوات البضع عليها بالتسليم. واستشكل ابن الرفعة القول الأول المرجح بالوضع عند عدل بأنه إن كان نائبا عن الزوجة فالمجبر الزوج وهو القول الأول، وإن لم يكن نائبها فقد أجبرت أولا، ولا قائل به كما مر. وأجاب بأنه نائب عنها كما قال الأصحاب، لكنه ممنوع من تسليم المهر إليها وهي ممنوعة من التصرف فيه قبل التمكين، بخلافه على القول الأول فإنها تتصرف فيه بمجرد قبضه. وأجاب آخر بأنه نائبهما، واستشهد له بمقتضى كلام الأصحاب المذكور. وأجاب آخر بأنه نائبهما، ولا محظور في إجباره لزوال العلة المقتضية لعدم إجبارها. وأجاب آخر بأنه نائب الشرع لقطع الخصومة بينهما، وهذا أولى.
فرع: يجب عليه نفقتها بقولها إذا سلم المهر ومكنت، لأنها حينئذ ممكنة. (ولو بادرت) أي الزوجة، (فمكنت) أي الزوج، (طالبته) بالمهر على كل قول لأنها بذلت ما في وسعها، ولها حينئذ أن تستقل بقبض الصداق بغير إذن الزوج كنظيره في البيع. (فإن لم يطأ امتنعت) أي جاز لها الامتناع من تمكينه، (حتى يسلم) المهر لأن القبض في النكاح بالوطئ دون التسليم، (وإن وطئ) - ها بتمكينها منه مختارة مكلفة ولو في الدبر، (فلا) كما لو تبرع البائع بتسليم المبيع ليس له استرداد ليحبسه. أما إذا وطئت مكرهة أو غير مكلفة لصغر أو جنون فلها الامتناع لعدم الاعتداد بتسليمها. نعم لو سلم الولي المجنونة أو الصغيرة لمصلحة فينبغي كما في الكفاية أنه لا رجوع لها وإن كملت كما لو ترك الولي الشفعة لمصلحة ليس للمحجور عليه الاخذ بها بعد زوال الحجر على الأصح، بخلاف ما لو سلمها لغير مصلحة، بل المحجور عليها لسفه لو سلمت نفسها ورأي الولي خلافه فينبغي كما قال شيخنا أن يكون له الرجوع وإن وطئت (ولو بادر) الزوج (فسلم) المهر (فلتمكن) زوجها وجوبا إذا طلبه لأنه فعل ما عليه. (فإن امتنعت) أي الزوجة من تمكين زوجها (بلا عذر) منها، (استرد) المهر منها (إن قلنا) بالمرجوح (أنه يجبر) على التسليم أولا لأنه لم يتبرع. أما إذا قلنا بالراجح وهو أنه لا يجبر أولا لم يسترد لأنه تبرع بالمبادرة، فكان كتعجيل الدين المؤجل.