الذي يجوز النظر له هو التعليم الواجب كقراءة الفاتحة، فما هنا محله في غير الواجب، ورجح هذا السبكي وقيل: التعليم الذي يجوز النظر له خاص بالأمرد بخلاف الأجنبية، ورجحه الشارح، والمعتمد الأول.
تنبيه: أفهم تعليلهم السابق أنها لو لم تحرم الخلوة بها كأن كانت صغيرة لا تشتهى أو صارت محرما له برضاع أو نكحها ثانيا لم يتعذر التعليم، وهو كذلك كما جزم به البلقيني. وبما تقرر علم أن المراد بالتعذر ما يشمل التعسر وإلا فالتعليم من وراء حجاب بحضرة من تزول معه الخلوة ممكن، وعلى هذا لو تيسر في هذه الحالة التعليم في مجلس كسورة قصيرة، فالظاهر أنه لا تعذر كما في النهاية وصوبه السبكي، وإن كان ظاهر كلام الجمهور بقاء التعذر، أما ما لا كلفة فيه كتعليم لحظة أو كلمة كثم نظر فإنه لا يصح كما في نظيره في الإجارة. وخرج بتعليمها بنفسه ما لو أصدقها التعليم في ذمته وفارق قبله فلا يتعذر التعليم بل يستأجر محرما أو امرأة أو نحوهما يعلمها الكل إن فارق بعد الوطئ، والنصف إن فارق قبله. ولو لم يحسن الزوج التعليم لما شرط تعليمه لم يصح إصداقه إلا في الذمة، فإن شرط أن يتعلم ثم يعلمها لم يصح لأن العمل متعلق بعينه والأعيان لا تؤجل. ولو أرادت تعليم غيرها لم يلزم الزوج الإجابة لاختلاف الناس في الحفظ والفهم.
فروع: لو أصدق زوجته الكتابية تعليم قرآن صح إن توقع إسلامها، وإلا فلا كتعليم التوراة والإنجيل لها أو لمسلمة فإنه لا يصح، إذ لا يجوز الاشتغال بهما لتبديلهما. ولو أصدقها التوراة والإنجيل وهما كافران فأسلما أو ترافعا إلينا بعد التعليم فلا شئ لها سواء، أو قبله وجب لها مهر مثل. ولو أصدق زوجته تعليم فقه أو شعر أو نحوه مما ليس بمحرم أو أصدقها رد عبدها من موضع معلوم صح. ولو أصدقها تعليم عبدها أو ولدها أو ختانه صح إن وجب عليها لوجوب ذلك عليها وإلا فلا، ولو أصدقها تعليم الفاتحة صح وإن تعين عليه التعليم. ولو أصدق الكتابية تعليم الشهادتين أو هي أو غيرها أداء شهادة لم يصح، فإن كان في تعليمها كلفة أو محل القاضي المؤدى عنده الشهادة بعيدا يحتاج فيه إلى ركوب، فالظاهر الصحة كما قاله الأذرعي. (ويجب) على الأصح عند تعذر التعليم (مهر مثل) على الزوج إن طلق (بغد وطئ ونصفه) إن طلق (قبله) أي الوطئ جريا على القاعدة. ولو علمها ثم طلقها، فإن كان بعد الدخول فقد استوفت حقها ولا رجوع، وإن كان قبل الدخول رجع إلى نصف أجرة مثل التعليم.
تنبيه: لو أصدقها تعليم سورة من القرآن أو جزء منه اشترط تعيين المصدق وعلم الزوج والولي بالمشروط تعليمه فإن لم يعلما أو أحدهما وكلا أو أحدهما من يعلمه، ولا يكفي التقدير بالإشارة إلى المكتوب في أوراق المصحف. ولا يشترط تعيين الحرف الذي يعلمه لها كقراءة نافع فبعلمها ما شاء كما في الإجارة، ونقل عن البصريين أنه يعلمها ما غلب قراءة أهل البلد وهو كما قال الأذرعي حسن، وإن لم يكن فيها أغلب علمها ما شاء، فإن عين الزوج والولي حرفا تعين فإن خالف وعلمها حرفا غيره فمتطوع به فيلزمه تعليم الحرف المعين عملا بالشرط. ولو أصدقها تعليم قرآن أو غيره شهرا صح لا تعليم سورة في شهر كما في الإجارة. (ولو أطلق) قبل وطئ وبعد قبض الصداق، (وقد زال ملكها عنه) ببيع أو غيره كهبة مقبوضة، (فنصف بدله) من مثل أو قيمة فإن قيل: هلا كان له نقض تصرفها كالشفيع أجيب بأن حق الشفيع كان موجودا حين تصرف المشتري، فلذلك تسلط على نقضه والزوج لا حق له عند التصرف، وإنما حدث حقه بالطلاق، بل حقه ضعف من حق الولد في الرجوع، لأن استحقاق الوالد الرجوع موجود عند تصرف الولد، فإذا امتنع الرجوع بعد زوال ملك الولد فتعذره بزوال ملك الزوجة أولى.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لم يزل ملكها عنه أن الحكم بخلافه، وهو كذلك إن لم يحصل فيه زيادة ونحوها مما يمنع الرجوع قهرا ولم يتعلق به حق لازم للغير كرهن مقبوض فيمنع الرجوع فيه. والبيع بشرط الخيار إن كان للمشتري وحده رجع الزوج إلى نصف البدل لانتقال الملك بذلك وإلا فله نصف العين، وأما الإجارة أو التزويج منها للصداق فعيب ينقص القيمة بذلك، فيتخير الزوج بين رجوعه بنصف القيمة ورجوعه بنصف الصداق مسلوب المنفعة مدة الإجارة،