إليه الرافعي في الكلام على السفيه، وقد لا تكفي الواحدة أيضا للخدمة فيزاد بحسب الحاجة. هذا إن بلغ مجنونا، فإن بلغ رشيدا ثم جن بني على عود الولاية إلى الأب إن قلنا تعود وهو الأصح زوجة الأب ثم الجد وإلا فالحاكم، فإن كان جنونه متقطعا لم يزوج حتى يفيق ويأذن، ويشترط وقوع العقد في حال إفاقته، فلو جن قبله بطل إذنه. وهل يشترط مراجعة الأقرب في تزويج السلطان؟ فيه الخلاف الآتي في المجنونة، وتقدم أنه يلزم المجبر تزويج مجنون ظهرت حاجته مع مزيد بيان. (وله) أي الولي من أب وجد لوفور شفقتهما وإن لم يتقدم لهما ذكر، وقد صرح به في المحرر، لا وصي وقاض، (تزويج صغير عاقل) غير ممسوح (أكثر من واحدة) ولو أربعا إن رآه الولي مصلحة، لأن تزويجه بالمصلحة وقد تقتضي ذلك. أما الصغير الممسوح ففي تزويجه الخلاف في الصغير المجنون، قاله الجويني. (ويزوج المجنونة أب أو جد) لأنه لا يرجى لها حالة تستأذن فيها ولهما ولاية الاجبار في الجملة، (إن ظهرت مصلحة) في تزويجها. (ولا تشترط الحاجة) قطعا لإفادتها المهر والنفقة، بخلاف المجنون. (وسواء) في جواز التزويج (صغيرة وكبيرة ثيب وبكر) جنت قبل البلوغ أو بعده لما مر، ويقدم أنه يلزم المجبر تزويج مجنونة بالغة محتاجة. (فإن لم يكن) للمجنونة (أب أو جد لم تزوج في صغرها) إذ لا إجبار لغيرهما ولا حاجة لهما في الحال، (فإن بلغت زوجها السلطان في الأصح) المنصوص كما يلي ما لها، لكن بمراجعة أقاربها ندبا تطييبا لقلوبهم ولأنهم أعرف بمصلحتها، ومن هذا قال المتولي: يراجع الجميع حتى الأخ والعم للأم والخال، وقيل:
تجب المراجعة، قال: وعليه يراجع الأقرب فالأقرب من الأولياء لو لم يكن جنون. والثاني: يزوجها القريب بإذن السلطان لقيامه مقام إذنها. وتزوج (للحاجة) للنكاح بظهور علامة شهوتها أو توقع شفائها بقول عدلين من الأطباء، لأن تزويجها يقع إجبارا، وغير الأب والجد لا يملك الاجبار، وإنما يصار إليه للحاجة النازلة منزلة الضرورة. (لا لمصلحة) كتوفر المؤن فلا يزوجها لذلك (في الأصح) لما مر. والثاني: نعم، كالأب والجد، قال ابن الرفعة: وهو الأصح. وإذا أفاقت المجنونة بعد تزويجها لا خيار لها، لأن التزويج لها كالحكم لها وعليها. (ومن حجر عليه) حسا (بسفه) بأن بذر في ماله، أو حكما كمن بلغ سفيها ولم يحجر عليه، وهو السفيه المهمل، (لا يستقل بنكاح) لئلا يفنى ماله في مؤن النكاح، فلا بد له من مراجعة الولي كما قال: (بل ينكح بإذن وليه) لأنه مكلف صحيح العبارة، وإنما حجر عليه حفظا لما له وقد زال المانع بالاذن. فإن قيل: بيعه بالاذن غير صحيح فهلا كان نكاحه كذلك أجيب بأن المقصود من الحجر حفظ ماله دون نكاحه، ولهذا لا يصح منه إزالة ملكه في الأموال بإذن ولا بغير إذنه بالهبة والعتق، ويصح منه إزالة النكاح بالطلاق. أما من بذر بعد رشده ولم يتصل به حجر حاكم فتصرفه نافذ في الأصح، ويسمى أيضا سفيها مهملا، والمعتبر في المحجور عليه ظهور الامارة لا قوله أنا محتاج. (أو يقبل له الولي) بإذنه كما سيأتي لأنه حر مكلف صحيح العبارة والاذن. ولا يزاد على واحدة، لأنه إنما يزوج لحاجة النكاح وهي تندفع بواحدة، فإن لم تعفه زيد ما يحصل به الاعفاف كما مر في المجنون. والمراد بالولي هنا الأب ثم الجدان بلغ سفيها، والقاضي أو منصوبه إن بلغ رشيدا ثم طرأ السفه كما صححه في زيادة الروضة. وظاهر أن الوصي لا يلي التزويج، وبه أفتى ابن الصلاح، لكن صرح الرافعي في باب الوصايا بأنه يلي التزويج بعد الجد قبل الحاكم، وحذفه من الروضة ثم، وصحح من زيادته هنا أنه لا يزوجه. قال الصيدلاني وغيره: وقد نص الشافعي رضي الله تعالى عنه على كل من المقالتين، وليس باختلاف نص بل نصه على أنه يزوجه محمول على وصي فوض إليه التزويج. (فإن أذن) له الولي (وعين امرأة) بشخصها أو نوعها كتزويج فلانة أو من بني فلان، (لم ينكح غيرها) لأن الاذن مقصور عليها فلا ينكح غيرها وإن ساوتها في المهر أو نقصت عنها.