تنبيه: قول المصنف: باطل يقتضي أنه إذا وطئ لا يلزمه شئ كالسفيه، وليس مرادا كما توهمه بعض الشارحين بل يلزمه مهر المثل في ذمته كما صرح به المصنف في نكاح العبد، وسيأتي إيضاح ذلك. واستثنى الأذرعي من إطلاق المصنف ما لو استأذن سيده فمنعه فرفعه إلى حاكم يرى إجبار السيد فأمره به فامتنع فأذن له الحاكم أو زوجه فإنه يصح، كما لو عضل الولي. (وبإذنه) أي السيد إن كان معتبر الاذن وهو غير محرم، (صحيح) وإن كان سيده امرأة أو كافرا كما مر لعموم الحديث المتقدم. (وله) أي السيد (إطلاق الاذن) لعبده في النكاح جزما، وينكح الحرة والأمة ولو من غير بلد العبد ولكن له منعه من الخروج إليها. (وله تقييده بامرأة) معينة (أو قبيلة أو بلد) لأن ما يصح مطلقا يصح مقيدا (ولا يعدل عما أذن) له (فيه) مراعاة له، فإن عدل لم يصح النكاح. وإن قدر له السيد مهرا فزاد عليه أو زاد على مهر المثل عند الاطلاق عن تعيين المهر، فالزائد في ذمته يتبع به إذا عتق، فإن صرح له بأن لا ينكح بأزيد مما عينه قال الإمام: فالرأي عدم صحة النكاح كما في السفيه، وإن نقص عما عينه له سيده أو عن مهر المثل عند الاطلاق جاز. ولو نكح صحيحا ثم طلق لم ينكح ثانيا إلا بإذن جديد، بخلاف ما لو نكح فاسدا فإنه لا يحتاج إلى تجديد الاذن. ولو نكح بالمسمى من مهرها دونه صح به، ورجوع السيد في الاذن كرجوع الموكل. (والأظهر أنه ليس للسيد إجبار عبدها) غير المكاتب والمبعض ولو صغيرا، وخالفه في الدين، (على النكاح) لأنه لا يملك رفع النكاح بالطلاق فكيف يجبر على ما لا يملك رفعه، ولان النكاح يلزم ذمة العبد مالا فلا يجبر عليه كالكتابة. والثاني: له إجباره كالأمة. وقيل: يجبر الصغير قطعا، وهو موافق لظاهر النص ولما عليه أكثر العراقيين ولاقتضاء كلام الرافعي في باب التحليل والرضاع أنه المذهب، ولما سيأتي للمصنف في كتاب الرضاع حيث قال فيه:
ولو زوج أم ولده سيد عبده الصغير الخ. وأما المكاتب والمبعض فلا يجبرهما قطعا (ولا عكسه) بالجر والرفع: أي ليس للعبد البالغ إجبار سيده على النكاح إذا طلبه، ولا يلزمه إجابته ولو كان مبعضا أو مكاتبا أو معلقا عتقه بصفة، لأنه يشوش عليه مقاصد الملك وفوائده كتزويج الأمة. والثاني: يجبر عليه أو على البيع، لأن المنع من ذلك يوقعه في الفجور. وقضية التعليل تخصيص الخلاف بمن يخشى العنت وأن غيره لا يجبر قطعا. والعبد المشترك هل لسيده إجباره وعليهما إجابته؟
فيه الخلاف المذكور في الطرفين، ولو أجابه أحدهما إلى النكاح وامتنع الآخر امتنع عليه النكاح، أما الصغيرة فلا إجابة له. (وله إجبار أمته) غير المبعضة والمكاتبة على النكاح، لأن النكاح يرد على منافع البضع وهي مملوكة له، وبهذا فارقت العبد فيزوجها برقيق ودنئ النسب، وإن كان أبوها قرشيا كما مر لأنها لا نسب لها لا بمعيب كأجذم وأبرص ومجنون، فلا يجوز بغير رضاها وإن كان يجوز بيعها منه وإن كرهت كما نص عليه في الحكمين جميعا.
والفرق أنه لا يقصد من البيع الاستمتاع غالبا، بخلاف النكاح، ويلزمها التمكين في صورة البيع كما صححه المتولي، ولو أجبرها السيد والحالة هذه على النكاح لم يصح. وقوله: (بأي صفة كانت) تعميم في صفة الأمة من بكارة وثيوبة وصغر وكبر وعقل وجنون وتدبير واستيلاد، وأما المبعضة والمكاتبة فلا يجبرهما ولا أمة كل منهما على النكاح، وليس له تزويج المرهونة بعد لزوم الرهن بغير إذن المرتهن، ويلحق بها المتعلق برقبتها مال بلا إذن المستحق إن كان معسرا فإن كان موسرا جاز على الأصح في زيادة الروضة وكان اختيارا للفداء، وليس للسيد تزويج أمه القراض كما مر في بابه، وله تزويج أمة عبده المأذون له في التجارة إن لم يكن عليه دين وإلا فيزوجها بإذن العبد والغرماء، فإن زوجها بغير إذنهما أو إذن أحدهما لم يصح لتضررهما به، فلو وطئ الأمة بغير إذن الغرماء لزمه المهر، لأنه مما يتعلق به حقهم، بخلاف وطئ المرهونة. فإن قيل: قالوا في معاملة العبيد: إن دين الغرماء لا يتعلق بمهر وطئ الشبهة. أجيب بأن ذلك في الأمة المأذونة، وهذا في أمتها والولد حر إن أحبلها، وتصير أم ولد إن كان موسرا، ولا تصير أم ولد إن كان معسرا بل تباع في الدين، وتصير أم ولد إذا ملكها، وكذا حكم الأمة الجانية والموروثة عن مديون، وإن لم يثبت الاستيلاد