لأن الزوجة تمهر غالبا بالمهر الحال بخلاف رب الدين. أجيب بأن في الزوجة كلفة أخرى، وهي النفقة والكسوة فإنهما يجبان بمجرد عرضها عليه، والفرض أنه معسر في الحال بخلاف ثمن الماء. (دون) الصورة (الثانية) لقدرته على نكاح حرة. والثاني: لا، لما فيه من المنة. وأجاب الأول بأن المنة فيه قليلة لجريان العادة بالمسامحة في المهور. ولو رضيت حرة بلا مهر حلت له الأمة أيضا في الأصح لوجوب مهرها بالوطئ، ولان لها أن تطالبه بالفرض في الحال فتشتغل ذمته ولا قدرة له، ولو كان له ولد موسر لم تحل له الأمة، لأنه مستغن بمال ولده لوجوب إعفافه عليه. (و) ثالث الشروط:
(أن يخاف زنا) بأن تغلب شهوته وتضعف من تقواه وإن لم يغلب على ظنه وقوع الزنا أو قويت شهوته لا على ندور، فمن ضعفت شهوته وله تقوى أو مروءة أو حياء يستقبح معه الزنا أو قويت شهوته وتقواه لم تحل له الأمة لأنه لا يخاف الزنا فلا يجوز أن يرق ولده لقضاء وطر أو كسر شهوة. وأصل العنت المشقة، سمي به الزنا لأنه سببها بالحد في الدنيا والعقوبة في الأخرى، والأصل فيما ذكر قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات) * إلى قوله: * (ذلك لمن خشي العنت منكم) * والطول السعة، والمراد بالمحصنات الحرائر، قال الروياني: وبالعنت عمومه لا خصوصه، حتى لو خاف العنت من أمة بعينها لقوة ميله إليها وحبه لها فليس له أن يتزوجها إذا كان واجدا للطول، لأن العشق لا معنى لاعتباره هنا، لأن هذا تهييج من البطالة وإطالة الفكر، وكم من إنسان ابتلي به وسلاه.
تنبيه: لو حذف الروياني واجدا للطول كان أولى، لأنه يقتضي جواز نكاحها عند فقد الطول فيفوت اعتبار عموم العنت مع أن وجود الطول كاف في المنع من نكاحها. وهذا الشرط يقتضي أن المجبوب ذكره لا يحل له نكاح الأمة مطلقا، وهو كذلك إذ لا يتصور منه الزنا وإن قال الروياني: له وللخصي ذلك عند خوف الوقوع في المؤثم، وقال ابن عبد السلام: ينبغي جوازه للممسوح مطلقا، لانتفاء محذور رق الولد. ولو وجدت الأمة زوجها مجبوبا وأرادت الفسخ وادعى الزوج حدوث الجب بعد النكاح وأمكن حكم بصحة نكاحه وإن كذبته، لأن مقتضى قولها بطلان النكاح من أصله وإن لم يكن حدوثه، وإن كان الموضع مندملا وقد عقد النكاح أمس حكم ببطلان النكاح. (فلو أمكنه) أي من خاف زنا (تسر) بأمة صالحة للاستمتاع بأن كانت في ملكه، أو أمكنه شراؤها بثمن مثلها وكان ما معه من المال لا يكفي للتزوج بل للتسري، (فلا خوف) حينئذ من الزنا قطعا، فلا ينكح الأمة (في الأصح) لأمنه العنت مع وجودها فلا ضرورة به إلى إرقاق ولده. والثاني: تحل له لأنها دون الحرة. ولو قال المصنف كالمحرر لم ينكح الأمة كما قدرته في كلامه كان أولى، فإن الخلاف في ذلك لا في الخوف للقطع بانتفائه. (و) رابع الشروط: (إسلامها) أي الأمة التي ينكحها الحر، فلا يحل لمسلم نكاح الأمة الكتابية وإن كانت لمسلم، لقوله تعالى: * (من فتياتكم المؤمنات) *، ولأنه اجتمع فيها نقصان لكل منهما أثر في منع النكاح وهما الكفر والرق، كما أنه لا يجوز له نكاح الحرة المجوسية لاجتماع نقصي الكفر وعدم الكتاب.
تنبيه: سكوته عن اعتبار إسلام سيدها يفهم أنه ليس بشرط وهو الأصح لحصول الاسلام في المنكوحة. والثاني:
المنع، لما فيه من إرقاق الولد المسلم لكافر. (وتحل لحر وعبد كتابيين أمة كتابية على الصحيح) لاستوائهما في الدين. والثاني:
المنع كما مر لا ينكحها الحر المسلم.
تنبيه: لم يصرح الشيخان في الحر الكتابي باشتراط خوف العنت وفقد طول الحرة، والذي فهمه السبكي وغيره اشتراطهما كالمسلم، لأنهم جعلوه مثله إلا في نكاح الأمة الكتابية، وهذا هو الظاهر وإن قال البلقيني: والذي أعتقده أن الشروط إنما تعتبر في حق المؤمنين الأحرار. قال في الروضة: ونكاح الحر المجوسي أو الوثني الأمة المجوسية أو الوثنية كنكاح الكتابي الكتابية، وصورة المسألة إذا طلبوا من قاضينا ذلك وإلا فنكاح الكفار صحيح، قاله شارح التعجيز. (لا) أمة كتابية (لعبد مسلم) فلا تحل له (في المشهور) لأن المانع من نكاحها كفرها فساوى الحر، كالمرتدة