بين هذا وبين ما صححه المصنف في نظيره من الأواني من ترجيح الأول بأن ذلك يكفي فيه الظن بدليل صحة الطهر والصلاة بمظنون الطهارة وحل تناوله مع القدرة على متيقنها أي في محصور وغيره بخلاف النكاح. وقوله: محرم الدائر على الألسنة أنه بفتح الميم، وينبغي ضبطه بالضم مع تشديد الراء فإن الحكم لا يختص بالأول كما مرت الإشارة إليه، فإن من حرمت بالجمع أو بالعدة كذلك. (لا بمحصورات) فإنه لا ينكح منهن احتياطا للابضاع مع انتفاء المشقة باجتنابهن، بخلاف الصورة الأولى، فلو خالف وفعل لم يصح في الأصح لمنعنا له من ذلك، إذ من الشروط كما سبق أن يعلم أنها حلال ويشكل عليه كما قال ابن شهبة أنه لو زوج أمة مورثة ظانا حياته فبان ميتا صح، ولو تزوج امرأة المفقود بعد التربص فبان ميتا صح على الجديد، وقد يجاب عن الصورة الأولى بأن الشك في الزوج هل هو مالك أو لا؟ وهو لا يضر إذا تبين أنه مالك، كما لو زوج أخ خنثى أخته وتبينت ذكورته فإنه لا يضر كما مر. وعن الثانية بأن بعض الأئمة يرى ذلك، فإذا تبين أنه كان في نفس الامر كذلك صح. وهذا التفصيل يأتي فيما لو أراد الوطئ بملك اليمين أيضا. قال الإمام: والمحصور ما سهل على الآحاد عده دون الولاة. وقال الغزالي: غير المحصور كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كألف، وما سهل كالعشرين فمحصور، قال: وما بينهما يلحق بأحدهما بالظن وما شك فيه استفتي فيه القلب. وقال الأذرعي وغيره: ينبغي التحريم عند الشك عملا بالأصل. وخرج بمحرم ما لو اختلطت زوجته بأجنبيات فلا يجوز له وطئ واحدة منهن مطلقا ولو باجتهاد، إذ لا مدخل للاجتهاد في ذلك ولان الوطئ إنما يباح بالعقد لا بالاجتهاد. (ولو طرأ مؤبد تحريم على نكاح قطعه) أي منع دوامه، (كوطئ) الواضح (زوجة ابنه) بنون أو بمثناة تحتية بخطه حيث كتب كلمة معا على ابنه أو أم زوجة نفسه أو بنتها، (بشبهة) فينفسخ به نكاحها كما يمنع انعقاده ابتداء، سواء كانت الموطوءة محرما للواطئ قبل العقد عليها كبنت أخيه أم لا. قال شيخنا: ولا يعتبر بما نقل من بعضهم من تقييد ذلك بالشق الثاني.
تنبيه: احترز بطروه على النكاح عما إذا طرأ على ملك اليمين كوطئ الأب جارية ابنه فإنها تحرم على الابن أبدا، ولا ينقطع على الابن ملكه إذا لم يوجد من الأب إحبال ولا شئ عليه بمجرد تحريمها، لأن مجرد الحل في ملك اليمين ليس بمتقوم، وإنما القصد الأعظم منه المالية وهي باقية، أما الخنثى فلا ينفسخ بوطئه النكاح.
فرع: لو عقد شخص على امرأة وابنه على بنتها وزفتا إليهما بأن زفت كل منهما إلى غير زوجها فوطئ كل منهما الأخرى غلطا انفسخ النكاحان، لأن زوجة الأب موطوءة ابنه وأم موطوءته بالشبهة وزوجة الابن موطوءة أبيه وبنت موطوءته، ولزم كلا منهما لموطوءته مهر المثل، وعلى السابق منهما بالوطئ لزوجته نصف المسمى، لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما طلقها قبل الدخول. وهل يلزم الثاني نصف المسمى لزوجته أو لا؟ أوجه أحدها لا، إذ لا صنع له، وثانيها: نعم، إذ لا صنع لها. وثالثها، وهو كما قال شيخنا الأوجه: يجب لصغيرة لا تعقل ومكرهة ونائمة، لأن الانفساخ حينئذ غير منسوب إليها، فكان كما لو أرضعت زوجته الكبيرة الصغيرة ينفسخ نكاحهما، وللصغيرة نصف المسمى على الزوج ويرجع على السابق بنصف مهر المثل، لأنه فوت عليه نكاحها لا بمهر المثل ولا بما غرم كما في الرضاع. ولا يجب لعاقلة مطاوعة في الوطئ ولو غلطا، كما لو اشترت حرة زوجها قبل الدخول، فإن وطئا معا فعلى كل منهما لزوجته نصف المسمى ويرجع كل منهما على الآخر في أحد وجهين يظهر كما قال شيخي ترجيحه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد، ويهدر نصفه لأنها حرمت بفعلهما كنظيره في الاصطدام. ولو أشكل الحال ولم يعلم سبق ولا معية وجب للموطوءة مهر المثل وانفسخ النكاحان، ولا رجوع لأحدهما على الآخر، ولزوجة كل منهما نصف المسمى، ولا يسقط بالشك كما قاله ابن الصباغ، ولو نكح الشخص جاهلا امرأة وبنتها مرتبا فالنكاح الثاني باطل، وإن وطئ الثانية فقط عالما بالتحريم فنكاح الأولى بحاله، لأن وطئ الزنا لا أثر له، أو جاهلا به بطل نكاح الأولى، لأنها أم الموطوءة بشبهة أو بنتها، ولزمه للأولى نصف المسمى، وحرمت عليه أبدا لما مر، وللموطوءة مهر مثل، وحرمت عليه أبدا إن كانت هي الأم لأنها