مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٧٩
بين هذا وبين ما صححه المصنف في نظيره من الأواني من ترجيح الأول بأن ذلك يكفي فيه الظن بدليل صحة الطهر والصلاة بمظنون الطهارة وحل تناوله مع القدرة على متيقنها أي في محصور وغيره بخلاف النكاح. وقوله: محرم الدائر على الألسنة أنه بفتح الميم، وينبغي ضبطه بالضم مع تشديد الراء فإن الحكم لا يختص بالأول كما مرت الإشارة إليه، فإن من حرمت بالجمع أو بالعدة كذلك. (لا بمحصورات) فإنه لا ينكح منهن احتياطا للابضاع مع انتفاء المشقة باجتنابهن، بخلاف الصورة الأولى، فلو خالف وفعل لم يصح في الأصح لمنعنا له من ذلك، إذ من الشروط كما سبق أن يعلم أنها حلال ويشكل عليه كما قال ابن شهبة أنه لو زوج أمة مورثة ظانا حياته فبان ميتا صح، ولو تزوج امرأة المفقود بعد التربص فبان ميتا صح على الجديد، وقد يجاب عن الصورة الأولى بأن الشك في الزوج هل هو مالك أو لا؟ وهو لا يضر إذا تبين أنه مالك، كما لو زوج أخ خنثى أخته وتبينت ذكورته فإنه لا يضر كما مر. وعن الثانية بأن بعض الأئمة يرى ذلك، فإذا تبين أنه كان في نفس الامر كذلك صح. وهذا التفصيل يأتي فيما لو أراد الوطئ بملك اليمين أيضا. قال الإمام: والمحصور ما سهل على الآحاد عده دون الولاة. وقال الغزالي: غير المحصور كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كألف، وما سهل كالعشرين فمحصور، قال: وما بينهما يلحق بأحدهما بالظن وما شك فيه استفتي فيه القلب. وقال الأذرعي وغيره: ينبغي التحريم عند الشك عملا بالأصل. وخرج بمحرم ما لو اختلطت زوجته بأجنبيات فلا يجوز له وطئ واحدة منهن مطلقا ولو باجتهاد، إذ لا مدخل للاجتهاد في ذلك ولان الوطئ إنما يباح بالعقد لا بالاجتهاد. (ولو طرأ مؤبد تحريم على نكاح قطعه) أي منع دوامه، (كوطئ) الواضح (زوجة ابنه) بنون أو بمثناة تحتية بخطه حيث كتب كلمة معا على ابنه أو أم زوجة نفسه أو بنتها، (بشبهة) فينفسخ به نكاحها كما يمنع انعقاده ابتداء، سواء كانت الموطوءة محرما للواطئ قبل العقد عليها كبنت أخيه أم لا. قال شيخنا: ولا يعتبر بما نقل من بعضهم من تقييد ذلك بالشق الثاني.
تنبيه: احترز بطروه على النكاح عما إذا طرأ على ملك اليمين كوطئ الأب جارية ابنه فإنها تحرم على الابن أبدا، ولا ينقطع على الابن ملكه إذا لم يوجد من الأب إحبال ولا شئ عليه بمجرد تحريمها، لأن مجرد الحل في ملك اليمين ليس بمتقوم، وإنما القصد الأعظم منه المالية وهي باقية، أما الخنثى فلا ينفسخ بوطئه النكاح.
فرع: لو عقد شخص على امرأة وابنه على بنتها وزفتا إليهما بأن زفت كل منهما إلى غير زوجها فوطئ كل منهما الأخرى غلطا انفسخ النكاحان، لأن زوجة الأب موطوءة ابنه وأم موطوءته بالشبهة وزوجة الابن موطوءة أبيه وبنت موطوءته، ولزم كلا منهما لموطوءته مهر المثل، وعلى السابق منهما بالوطئ لزوجته نصف المسمى، لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما طلقها قبل الدخول. وهل يلزم الثاني نصف المسمى لزوجته أو لا؟ أوجه أحدها لا، إذ لا صنع له، وثانيها: نعم، إذ لا صنع لها. وثالثها، وهو كما قال شيخنا الأوجه: يجب لصغيرة لا تعقل ومكرهة ونائمة، لأن الانفساخ حينئذ غير منسوب إليها، فكان كما لو أرضعت زوجته الكبيرة الصغيرة ينفسخ نكاحهما، وللصغيرة نصف المسمى على الزوج ويرجع على السابق بنصف مهر المثل، لأنه فوت عليه نكاحها لا بمهر المثل ولا بما غرم كما في الرضاع. ولا يجب لعاقلة مطاوعة في الوطئ ولو غلطا، كما لو اشترت حرة زوجها قبل الدخول، فإن وطئا معا فعلى كل منهما لزوجته نصف المسمى ويرجع كل منهما على الآخر في أحد وجهين يظهر كما قال شيخي ترجيحه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد، ويهدر نصفه لأنها حرمت بفعلهما كنظيره في الاصطدام. ولو أشكل الحال ولم يعلم سبق ولا معية وجب للموطوءة مهر المثل وانفسخ النكاحان، ولا رجوع لأحدهما على الآخر، ولزوجة كل منهما نصف المسمى، ولا يسقط بالشك كما قاله ابن الصباغ، ولو نكح الشخص جاهلا امرأة وبنتها مرتبا فالنكاح الثاني باطل، وإن وطئ الثانية فقط عالما بالتحريم فنكاح الأولى بحاله، لأن وطئ الزنا لا أثر له، أو جاهلا به بطل نكاح الأولى، لأنها أم الموطوءة بشبهة أو بنتها، ولزمه للأولى نصف المسمى، وحرمت عليه أبدا لما مر، وللموطوءة مهر مثل، وحرمت عليه أبدا إن كانت هي الأم لأنها
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460