(من نسب ولا رضاع) متعلق بأخت لا بأخ. (وهي) في النسب (أخت أخيك لأبيك لامه) أي الأخ، وصورته: أن يكون لك أخ لأب وأخت لأم، فله أن ينكح أختك من الأم. وصورته في الرضاع: أن ترضعك امرأة وترضع صغيرة أجنبية منك فلأخيك نكاحها. (وعكسه) في النسب أخت أخيك لامك لأبيه، بأن كان لأبي أخيك بنت من غير أمك فيجوز لك نكاحها، وفي الرضاع أن ترضع امرأة أخاك وترضع معه صغيرة أجنبية منك فيجوز لك نكاحها.
تنبيه: صورة العكس مزيدة على المحرر والروضة كأصلها. ثم شرع في السبب الثالث، وهو المصاهرة، فقال:
(وتحرم) عليك (زوجة من ولدت) بواسطة أو غيرها وإن لم يدخل ولدك بها، لاطلاق قوله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *. (أو) زوجة من (ولدك) بواسطة أو غيرها أبا أو جدا من قبل الأب أو الأم وإن لم يدخل والدك بها، لاطلاق قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) *، قال في الأم: يعني في الجاهلية قبل علمكم بتحريمه. (من نسب أو رضاع) هو راجع لهما معا، أما النسب فللآية، وأما الرضاع فللحديث المتقدم. فإن قيل: إنما قال الله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاعة؟ أجيب بأن المفهوم إنما يكون حجة إذا لم يعارضه منطوق، وقد عارضه هنا منطوق قوله (ص): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. فإن قيل: ما فائدة التقييد في الآية حينئذ؟
أجيب بأن فائدة ذلك إخراج حليلة المتبنى فلا يحرم على المرء زوجة من تبناه لأنه ليس بابن له حقيقة. (وأمهات زوجتك) بواسطة أو بغيرها (منهما) أي من نسب أو رضاع، سواء أدخل بها أم لا، لاطلاق قوله تعالى: * (أمهات نسائكم) *. (وكذا بناتها) بواسطة أو غيرها، (إن دخلت بها) في عقد صحيح أو فاسد، لاطلاق قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) *، وذكر الحجور خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فإن قيل:
لم أعيد الوصف إلى الجملة الثانية ولم يعد إلى الجملة الأولى وهي * (وأمهات نسائكم) * مع أن الصفات عقب الجمل تعود إلى الجميع؟ أجيب بأن نسائكم الثاني مجرور بحرف الجر، ونسائكم الأول مجرور بالمضاف، وإذا اختلف العامل لم يجز الاتباع وتعين القطع. واعترض بأن المعمول الجر وهو واحد.
تنبيه: قضية كلام الشيخ أبي حامد وغيره أنه يعتبر في الدخول أن يقع في حياة الأم، فلو ماتت قبل الدخول ووطئها بعد موتها لم تحرم بنتها، لأن ذلك لا يسمى دخولا، وإن تردد فيه الروياني. فإن قيل: لم لم يعتبروا الدخول في تحريم أصول البنت واعتبروا في تحريمها الدخول؟ أجيب بأن الرجل يبتلى عادة بمكالمة أمها عقب العقد لترتيب أموره، فحرمت بالعقد ليسهل ذلك بخلاف بنتها. وتقييد التحريم بالدخول يفهم تحريم الثلاث الأول بمجرد العقد، وهو كذلك كما مر، بشرط صحة العقد فلا يتعلق بالعقد الفاسد حرمة المصاهرة كما لا يتعلق به حل المنكوحة. والحاصل أن من حرم بالوطئ لا يعتبر فيه صحة العقد كالربيبة. ومن حرم بالعقد وهي الثلاث الأول فلا بد فيه من صحة العقد، نعم لو وطئ في العقد الفاسد في الثلاث الأول حرم بالوطئ فيه لا بالعقد. وظاهر كلام المصنف أن الربيبة لا تحرم باستدخال أمها ماء الزوج، وليس مرادا، إذ في الروضة وأصلها الجزم بأن استدخال الماء يثبت المصاهرة إذا كان محترما بأن كان ماء زوجها، ومقتضاه تحريم الربيبة، وإن خالف في ذلك البلقيني. وظاهر كلامه أيضا حل البنت المنفية باللعان إذا لم يدخل بالملاعنة لأنها بنت زوجة لم يدخل بها ولم يثبت كونها بنتا له، وليس مرادا، بل الأصح تحريمها لأنها لا تنتفي عنه قطعا كما مرت الإشارة إليه. وعلم من كلامه عدم تحريم بنت زوج الأم أو البنت أو أمه وعدم تحريم أم زوجة الأب أو الابن أو بنتها أو زوجة الربيب أو الراب لخروجهن عن المذكورات. (و) كل (من وطئ) في الحياة وهو واضح، (امرأة بملك) سواء أكانت محرمة عليه على التأبيد أم لا، (حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت) هي (على آبائه وأبنائه)