الزوجية وفصلا القدر المحتاج إليه لزمها الحلف الجازم لكل منهما بأن تحلف أنها ليست زوجته، ولا يكفيها الحلف على نفي العلم السابق، ويجوز لها ذلك إن لم تعلم سبقه، وعدم العلم يجوز لها الحلف الجازم. ثم شرع في تولي طرفي عقد النكاح الذي ينفرد به الجد عن الأب، فقال: (ولو تولى) جد (طرفي عقد في تزويج بنت ابنه بابن ابنه الآخر صح في الأصح) لقوة ولايته كالبيع. والثاني: لا يصح، لأن خطاب الانسان مع نفسه لا ينتظم، ولخبر: كل نكاح لا يحضره أربعة فهو سفاح رواه البيهقي والدارقطني.
تنبيه: للمسألة كما قال المصنف في نكت التنبيه شروط: الأول: أن لا يكون أبو الولد من أهل الولاية وأن يكون ابن الابن محجورا عليه، وأن تكون بنت الابن بكرا أو مجنونة، فاستفيد من الشرط الثالث أن يكون الجد مجبرا، وبه صرح الماوردي وغيره من العراقيين، فلا يجوز في بنت ابنه الثيب البالغة العاقلة، وهو وارد على إطلاق المصنف.
ولا بد من إيجاب وقبول كالبيع وأولى، وقيل: يكفي الايجاب، وشرط صاحب الاستقصاء وابن معين في التنقيب أن يقول: وقبلت بالواو نكاحها. فلو تركها لم يصح. قال الزركشي: وينبغي طرده في البيع ونحوه اه. وهذا كما قال شيخي رأي مرجوح.
فروع: من لا ولي لها إلا الحاكم إذا زوجها لمجنون ونصب من يقبل ويزوجها منه وبالعكس فإنه يصح، نبه على ذلك الزركشي. وفي البحر: لو أراد الحاكم تزويج مجنونة بمجنون لا نص فيه والقياس أنه لا يتولى الطرفين ولا يحتمل على المذهب غيره، وللعم تزويج بنت أخيه بابنه البالغ، ولابن العم تزويج بنت عمه بابنه البالغ على المذهب فيهما لأنه لم يوجد تولي الطرفين، فإن زوجها أحدهما بأبيه الطفل لم يصح لأنه نكاح لم يحضره أربعة، وليس له قوة الجدودة، وعليه قال البلقيني: الأقرب أنه لا يتعين الصبر إلى بلوغ الصبي فيقبل، بل يقبل له أبوه والحاكم بزوجها منه، كالولي إذا أراد أن يتزوج موليته. ولو تولى الطرفين في تزويج عبده بأمته إن قيل له إجباره صح وإلا فلا، والأصح ليس له ذلك. (ولا يزوج ابن العم) ونحوه كمعتق وعصبته (نفسه) وحينئذ فلا يتولى طرفي العقد، (بل يزوجه ابن عم) له شقيق أو لأب (في درجته) بأن كان مساويا له فيها، فإذا كان ابن العم شقيقا وله ابنا عم أحدهما شقيق والآخر لأب زوجها منه الأول. هذا إن وجد، (فإن فقد) من في درجته حسا أو حكما كأن كان ابن عم شقيقا ومعه آخر لأب، (فالقاضي) أي قاضي بلدها لا قاضي بلده، يزوجه في الأصح بالولاية العامة، ولا تنتقل الولاية للأبعد، ولو قالت لابن عمها أو لمعتقها: زوجني من نفسك زوجه القاضي بهذا الاذن كما صوبه في الروضة، خلافا لما صوبه البلقيني، لا إن قالت: زوجني من شئت أو زوجني. (فلو أراد القاضي نكاح من لا ولي لها) مختص بها لنفسه أو لموليه بقبوله له، (زوجه من فوقه) كالسلطان أو من هو مثله (من الولاة) في بلده أو غيرها إن كانت الزوجة في عمل ذلك القاضي، (أو خليفته) لأن حكمه نافذ عليه. وفيه وجه نقل عن ابن يحيى البلخي القاضي أنه يتولاه بنفسه، وفعله حين كان قاضيا بدمشق، قال السبكي: وهو من غرائبه. ويجري الخلاف في تزويج القاضي الإمام الأعظم ومحجوره، فيزوجها منه القاضي بالولاية كما يزوج خليفة القاضي من القاضي:
(وكما لا يجوز لواحد) غير الجد (تولي الطرفين، لا يجوز أن يوكل وكيلا في أحدهما) ويتولى الطرف الآخر، (أو وكيلين فيهما) أي واحد في الايجاب وآخر في القبول فيتولاه، لم يجز (في الأصح) لأن فعل وكيله كفعله، بخلاف تزويج خليفة القاضي له لأن تصرفه بالولاية. والثاني: يجوز، لانعقاده بأربعة.