الأصح لأن المقصود حصول العتق بالمال المدفوع إليه ولم يحصل. قال في البيان: ولو سلم بعض المال لسيده فأعتقه فمقتضى المذهب أنه لا يسترد منه لاحتمال أنه إنما أعتقه بالمقبوض. قال في المجموع: وما قاله متعين. قال الرافعي: ويجري الخلاف في الغارم إذا استغنى عما أخذه بإبراء أو نحوه. (ويطالب عامل ومكاتب وغارم ببينة) بالعمل والكتابة والغرم لسهولتها، ولا بد أيضا أن يقيم المكاتب بينة بما بقي عليه من النجوم كما قاله الماوردي. قال السبكي: العامل ومطالبة بالبينة محلها إذا أتى لرب المال وطالب وجهل حاله، أما الإمام فإنه يعلم حاله فإنه الذي يبعثه فلا نتأتى البينة فيه. قال الأذرعي: وقد يتصور فيما إذا فوض إليه الإمام التفرقة ثم جاء وادعى القبض والتفرقة وطلب أجرته من المصالح.
واستثنى ابن الرفعة تبعا لجماعة من الغرم ما إذا غرمه لاصلاح ذات البين لشهرة أمره. وقال صاحب البيان: إنه لا بد من البينة، وهو قضية كلام الاحياء. قال الأذرعي: ولعل هذا فيمن لم يستفض غرمه لذلك، ويرجع الكلام إلى أنه إن اشتهر لم يحتج إلى البينة وإلا احتاج كالغارم لمصلحته، وهذا جمع بين الكلامين وهو حسن. (وهي) أي البينة هنا وفيما مر، (إخبار عدلين) بصفة الشهود، ولا يعتبر لفظ الشهادة كما استحسنه الرافعي في الشرح الصغير.
تنبيه: أشعر تعبير المصنف ب إخبار أنه لا يحتاج لدعوى عند قاض وإنكار واستشهاد، وهو كذلك بناء على قبول الاستفاضة المذكورة في قوله: (ويغني عنها) البينة في كل مطالبة بها من الأصناف كما قاله الرافعي، (الاستفاضة) بين الناس لحصول غلبة الظن بها، وسيأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى إن شرطها التسامح من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب (وكذا تصديق رب الدين) في الغارم، (و) تصديق (السيد) في المكاتب يعنى عن البينة في كل منهما، (في الأصح) لظهور الحق بالاقرار والتصديق. والثاني: لا، لاحتمال التواطؤ. ورد بأنه يراعى المكاتب فإن عتق وإلا استرجع منه، والغارم فإن وفى وإلا استرجع منه.
تنبيه: سكت المصنف رحمه الله تعالى عن المؤلفة وحكمهم أن من قال: نيتي في الاسلام ضعيفة أنه يصدق بلا يمين لأن كلامه يصدقه، وأن من ادعى الشرف بأن قال: أنا شريف مطاع في قومي، أو الكفاية بأن قال: أنا أكفيكم شر من يليني من الكفار أو مانعي الزكاة أنه لا بد من إقامة البينة على ذلك.
واعلم أن الكلام من أول الفصل إلى هنا في الصفات المقتضية للاستحقاق من الأصناف الثمانية، ومن هنا إلى آخره في كيفية الصرف وقدره، وقد شرع في ذلك فقال: (ويعطى الفقير والمسكين) أي كل منهما إن لم يحسن كسبا بحرفة ولا تجارة، (كفاية سنة) لأن الزكاة تتكرر كل سنة فتحصل بها الكفاية سنة، وأيد بما في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخر لأهله كفاية سنة (قلت: الأصح المنصوص) في الأم (و) هو (قول الجمهور) أيضا: يعطى كل منهما (كفاية العمر الغالب) لأن به تحصل الكفاية على الدوام. وفسر الكفاية بقوله: (فيشتري به عقارا يستغله) ويستغني به عن الزكاة، فليس المراد أن يدفع له كفاية عمره دفعة، (والله أعلم) فإن وصل إلى العمر الغالب ماذا يدفع له؟ لم أر من ذكره، وقد سألت شيخي عن ذلك فقال: يعطى كفاية سنة، وهو ظاهر.
تنبيه: لم يعلم من كلام المصنف من يشتري العقار، قال الزركشي: وينبغي أن يكون الإمام، ثم قال: ويشبه أن يكون كالغازي إن شاء اشتري له وإن شاء دفع له وأذن له في الشراء اه. وهذا هو الظاهر. أما من يحسن الكسب بحرفة فيعطى ما يشتري به آلتها قلت قيمتها أو كثرت. قال الزركشي تفقها: ولو اجتمع في واحد حرف أعطي بأقلها، فإن لم تف بحاله تمم له ما يكفيه اه. والأوجه كما قال شيخنا أنه يعطى بالحرفة التي تكفيه، أو بتجارة فيعطى ما يشترى به ما يحسن التجارة فيه ما يفي ربحه بكفايته غالبا. قال الرافعي: وأوضحوه بالمثال، فقالوا: البقلي يكفيه خمسة دراهم.
والباقلاني عشرة، والفاكهاني عشرون، والخباز خمسون، والبقال مائة، والعطار ألف، والبزاز ألفان، والصيرفي