تنبيه: محل الخلاف إذا كان يمكن الاخذ من القريب والزوج ولو في عدة الطلاق الرجعي أو البائن وهي حامل كما قاله الماوردي، وإلا فيجوز الاخذ بلا خلاف. وخرج بذلك المكفي بنفقة متبرع فيجوز له الاخذ، قال ابن قاضي عجلون في تصحيحه قول المنهاج في المكفي بنفقة قريب بأنه ليس فقيرا: يخالف تعبير المحرر والشرحين والروضة بأنه لا يعطى من سهم الفقراء، ورجح السبكي هذا الثاني اه. وجه ذلك كما قال شيخي: أن الفقير هو الذي لا مال له ولا كسب الخ، وهو شامل لهذا فلا يصح نفيه، لكنا أنزلناه منزلة لغي لكونه مكفيا فلا يعطى من سهم الفقراء، فالتعبير ب لا يعطى أولى. ويعطي الزوج زوجته من سهم المكاتب والغارم والمؤلفة ومن سهم ابن السبيل، لا إن سافرت معه بإذن أو دونه أو وحدها بلا إذن فلا يعطيها منه لأنها في الأولى وإن انتفى الاذن مكفية بالنفقة لأنها في قبضته، وفي الثانية عاصية، وله أن يعطيها في الرجوع إليه لرجوعها عن المعصية. وإن سافرت وحدها بإذنه ، فإن وجبت نفقتها كأن سافرت لحاجته أعطيت من سهم ابن السبيل باقي كفايتها لحاجة السفر، وإن لم تجب نفقتها كأن سافرت لحاجتها أعطيت كفايتها منه. وإن سافرت وحدها بلا إذن أعطيت هي والعاصي بالسفر من سهم الفقراء، بخلاف الناشزة المقيمة فإنها قادرة على الغنى بالطاعة فأشبهت القادر على الكسب، والمسافرة لا تقدر على العود في الحال.
وللزوجة إعطاء زوجها الحر من سهم الفقراء والمساكين إذا كان كذلك، بل يسن كما قاله الماوردي. وأما المكاتب فاقتضى كلام الروضة وأصلها هنا أنه مكفي بنفقة قريبه، لكن صحح في زيادة الروضة: أن نفقته لا تجب على قريبه لأنه رقيق. ثم شرع في الصنف الثاني. فقال: (والمسكين من قدر على مال أو كسب) لائق به حلال (يقع موقعا من كفايته) لمطعمه ومشربه وملبسه وغيرها مما يحتاج إليه لنفسه ولمن تلزمه نفقته كما مر في الفقير. (ولا يكفيه) ذلك المال أو الكسب كمن يحتاج إلى عشرة ولا يجد إلا سبعة أو ثمانية، وسواء أكان ما يملكه نصابا أم لا كما مر في الفقير. قال الغزالي في الاحياء: المسكين هو الذي لا يفي دخله بخرجه، فقد يملك ألف دينار وهو مسكين، وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو غني، والمعتبر في ذلك ما يليق بالحال بلا إسراف ولا تقتير.
تنبيه: قد علم من ذلك أن المسكين أحسن حالا من الفقير خلافا لمن عكس، واحتجوا له بقوله تعالى: * (أما السفينة إ فكانت لمساكين) * حيث سمي مالكيها مساكين، فدل على أن المسكين من يملك شيئا يقع موقعا من كفايته، وبما روي من قوله (ص): اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا مع أنه كان يتعوذ من الفقر. والعبرة عند الجمهور كفاية العمر الغالب بناء على أنه يعطى كفاية ذلك، وهو المعتمد، وقيل:
كفاية سنة، بناء على أنه إنما يعطى كفاية سنة. وخرج بلائق به وحلال غير اللائق به والحرام فهو كمن لا كسب له. ولا يخرجه عن المسكنة أثاث يحتاجه في سنته، ولا ملكه ثياب شتاء يحتاجها في صيف ولا عكسه، ولا ملك كتب وهو فقيه يحتاجها للتكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة أو للقيام بفرض، لأن كلا منهما حاجة مهمة، وإن كان احتياجه لها في السنة مرة فتبقى له النسخة الصحيحة من النسخة المتكررة عنده فلا يبقيان معا لاغتنائه بالصحيحة، وإن كانت إحداهما أصح والأخرى أحسن يبقى الأصح، وإن كان له كتابان من علم واحد وكان أحدهما مبسوطا والآخر وجيزا بقي المبسوط إن كان غير مدرس بأن كان قصده الاستفادة، وإن كان مدرسا بقيا لأنه يحتاج لكل منهما في التدريس، ويبقى له كتب طب يكتب بها أو يعالج بها نفسه أو غيره، والمعالج معدوم في البلد، وكتب وعظ وإن كان ثم واعظ، إذ ليس كل أحد ينتفع بالوعظ كانتفاعه في خلوته، وعلى حسب إرادته، ولا يبقى له كتاب يتفرج فيه. والحاصل أن الكتاب يطلب للتعليم وللاستفادة فلا يمنع المسكنة كما تقرر. ويطلب للتفرج فيه بالمطالعة ككتب التواريخ والشعر فيمنع. ومن له عقار مثلا ينقص دخله عن كفايته فهو إما فقير أو مسكين. ثم شرع في الصنف الثالث، فقال: (والعامل) على الزكاة (ساع) وهو الذي يجبي الزكاة. (وكاتب) يكتب ما أعطاه أرباب الصدقة من المال ويكتب لهم براءة بالأداء وما يدفع للمستحقين. (وقاسم) وحاسب وعريف، وهو كنقيب القبيلة. وجندي وهو المشد على الزكاة إن احتيج إليه. (وحاشر) وهو اثنان: أحدهما من