مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
لأن الله اصطفى العرب على غيرهم. (ولا) أي وليس (غير قرشي) من العرب مكافئا (قرشية) لخبر: قدموا قريشا ولا تقدموها رواه الشافعي بلاغا. (ولا) أي وليس (غير هاشمي ومطلبي) كفؤا (لهما) كبني عبد شمس ونوفل وإن كانا أخوين لهاشم، لخبر مسلم: إن الله اصطفى من العرب كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم.
تنبيه: اقتضى كلامه أمرين، أحدهما: أن المطلبي كفء للهاشمية وعكسه، وهو كذلك لخبر البخاري:
نحن وبنو المطلب شئ واحد. ومحله إذا لم تكن شريفه، أما الشريفة فلا يكافئها إلا شريف. والشرف مختص بأولاد الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وعن أبويهما، نبه على ذلك ابن ظهيرة. ومحله أيضا في في الحرة، فلو نكح هاشمي أو مطلبي أمة فأتت منه ببنت فهي مملوكة لمالك أمها فله تزويجها من رقيق ودنئ النسب كما سيأتي. والامر الثاني: أن غير قريش من العرب بعضهم أكفاء بعض، ونقله الرافعي عن جماعة، وقال في زيادة الروضة: إنه مقتضى كلام الأكثرين. قال الرافعي: ومقتضى اعتبار النسب في العجم اعتباره في غير قريش من العرب. وقال الماوردي في الحاوي: واختلف أصحابنا في غير قريش، فالبصريون يقولون بأنهم أكفاء، والبغداديون يقولون بالتفاضل فتفضل مضر على ربيعة، وعدنان على قحطان، اعتبارا بالقرب منه (ص). وهذا كما قال شيخنا هو الأوجه، إذ أقل مراتب غير قريش من العرب أو يكونوا كما قال في المهمات كالعجم. قال الفارقي: والمراد بالعرب من ينسب إلى بعض القبائل، وأما أهل الحضر فمن ضبط نفسه منهم فكالعرب وإلا فكالعجم. (والأصح اعتبار) الشرف (النسب في العجم كالعرب) قياسا عليهم، فالفرس أفضل من القبط لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من فارس. وبنو إسرائيل أفضل من القبط لسلفهم وكثرة الأنبياء فيهم. قال الماوردي: والثاني: لا يعتبر فيهم، لأنهم لا يعتنون بحفظ الأنساب ولا يدونونها بخلاف العرب، وقال الأذرعي: إنه الصواب نقلا ومعنى وبسط ذلك.
والاعتبار بالأب كما مرت الإشارة إليه في غير أولاد بنات النبي (ص) فلا أثر للأم وإن كانت رقيقة. ولا يكافئ من أسلم أو أسلم أحد أجداده الأقربين أقدم منه في الاسلام، فمن أسلم بنفسه ليس كفؤا لمن لها أب أو أكثر في الاسلام، ومن له أبوان في الاسلام ليس كفؤا لمن لها ثلاثة آباء فيه. فإن قيل: قضية هذا أن من أسلم بنفسه من الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا يكون كفؤا لبنات التابعين، وهذا زلل، وكيف لا يكون كفؤا لهن وهم أفضل الأمة أجيب بأنه لا مانع من ذلك، لأن النظر في الآباء لا يمنع أن يكون ابن غير الشريف أفضل من ابن الشريف وليس كفؤا له. (و) رابعها:
(عفة) وهي الدين والصلاح والكف عما لا يحل، (فليس فاسق كفء عفيفة) لقيام الدليل على عدم المساواة، قال تعالى: * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *، وقال تعالى: * (الزاني لا ينكح إلا زانية) * الآية، هكذا استدل بهاتين الآيتين، وفيه نظر لأن الأولى في حق الكافر والمؤمن، والثانية منسوخة. والمبتدع مع السنية كالفاسق مع العفيفة كما نقلاه عن الروياني وأقراه.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أمورا: أحدها: أنه لا فرق في اعتبار هذا الوصف بين المسلمين والكفار حتى لا يكون الكافر الفاسق في دينه كفؤا للعفيفة في دينها، وبه صرح ابن الرفعة. ثانيها: أن الفاسق كفء للفاسقة مطلقا، وهو كذلك وإن قال في المهمات: الذي يتجه عند زيادة الفسق واختلاف نوعه عدم الاكتفاء كما في العيوب، قال: ولا شك أن الفسق بالقتل والسكر ليس في تعدي المفسدة والنفرة كالعقوق وترك الصلاة ونحوها. ثالثها: أن غير الفاسق كفء لها سواء فيه العدل والمستور، وبه صرح الإمام وابن الصلاح. رابعها: أن الفسق والعفاف يعتبر في الزوجين لا في آبائهما، وسيأتي الكلام على ذلك. (و) خامسها: (حرفة) وهي كما قال الزمخشري في فائقه: بكسر الحاء: صناعة يرتزق منها. سميت بذلك لأنه ينحرف إليها. (فصاحب حرفة دنيئة) بالهمزة من الدناءة، وضبطها الإمام بما دلت ملابستها على انحطاط المروءة وسقوط
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460