فلا اعتبار بهما، والرجوع فيه إلى قول الزوجين لأن العقد لهما فلا يقبل فيه قول غيرهما. وجزم فيما لو زوجها بعد تأهل الأقرب أنه لا يصح سواء أعلم بذلك أم لم يعلمه. (والاغماء إن كان لا يدوم غالبا) كالحاصل بهيجان المرة الصفراء، (انتظر إفاقته) قطعا كالنائم، (وإن كان يدوم) يوما أو يومين أو (أياما انتظر) أيضا على الأصح، لأنه قريب الزوال كالنوم (وقيل) لا تنتظر إفاقته بل تنتقل الولاية (للأبعد) كالجنون والسكر بلا تعد في معنى الاغماء، فإن دعت حاجتها إلى النكاح في زمن الاغماء أو السكر فظاهر كلام الشيخين أن الحاكم لا يزوجها، وهو كذلك، وإن قال المتولي يزوجها. (ولا يقدح العمى) في ولاية التزويج (في الأصح) لحصول المقصود بالبحث والسماع.
والثاني: يقدح، لأنه نقص يؤثر في الشهادة فأشبه الصغر. وفرق الأول بأن شهادته إنما ردت لتعذر التحمل، ألا ترى أنها تقبل فيما تحمله قبل العمى إذا لم يحتج إلى إشارة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها؟ ويجئ خلاف الأعمى في الأخرس المفهم لغيره مراده بالإشارة التي لا يختص بفهمها الفطنون. ولا ريب أنه إن كان كاتبا تكون الولاية له فيوكل بها من يزوج موليته أو يزوجه، وهذا مراد الروضة بأنه سوى بين الإشارة المفهمة والكتابة، وأسقطها ابن المقري نظرا إلى تزويجه لا إلى ولايته، ولا ريب أنه لا يزوج بها لأنها كناية كما مرت الإشارة إلى ذلك. (ولا ولاية لفاسق) غير الإمام الأعظم مجبرا كان أو لا، فسق بشرب الخمر أو لا، أعلن بفسقه أو لا، (على المذهب) بل تنتقل الولاية للأبعد لحديث: لا نكاح إلا بولي مرشد رواه الشافعي في مسنده بسند صحيح، وفال الإمام أحمد: إنه أصح شئ في الباب. ونقل ابن داود عن الشافعي في البويطي أنه قال: المراد بالمرشد في الحديث العدل، ولأنه نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق، ولا يرد سيد الأمة لأنه يزوج بالملك لا بالولاية كما مر، وفي المسألة طرق جمعها بعضهم ثلاث عشرة طريقة، أشهرها على ما قاله الشيخان طريقة القولين، أصحهما عند الأكثرين ما قاله المصنف، فكان ينبغي أن يعبر بالأظهر. والقول الثاني: أنه يلي، وبه قال مالك وأبو حنيفة وجماعات، لأن الفسقة لم يمنعوا من التزويج في عصر الأولين. وصححه الشيخ عز الدين، وعلله بأن الوازع الطبعي أقوى من الوازع الشرعي. وأفتى الغزالي بأنه إن كان لو سلب الولاية لانتقلت إلى حاكم فاسق ولي وإلا فلا، قال: ولا سبيل إلى الفتوى بغيره، إذ الفسق قد عم البلاد والعباد. قال المصنف: وهذا الذي قاله حسن، وينبغي العمل به، واختاره ابن الصلاح في فتاويه.
وقال الأذرعي: ليس هذا مخالفا للمشهور عن العراقيين والنص والحديث، بل ذلك عند وجود الحاكم المرضي العالم الأهل، وأما غيره من الجهلة والفساق فكالعدم كما صرح به الأئمة في الوديعة وفي غيرها اه. والأوجه إطلاق المتن لأن الحاكم يزوج للضرورة، وقضاؤه نافذ. أما الإمام الأعظم فلا يقدح فسقه لأنه لا ينعزل به، فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشأنه، فعليه إنما يزوج بناته إذا لم يكن لهن ولي غيره كبنات غيره، ويزوج الفاسق نفسه لأن غايته أن يضر بها، ويحتمل في حق نفسه ما لا يحتمل في حق غيره، ولهذا يقبل إقراره على نفسه، ولا تقبل شهادته على غيره، والفسق يتحقق بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، ولم تغلب طاعاته على معاصيه. ولا يلزم من أن الفاسق لا يلي اشتراط أن يكون الولي عدلا لأن بينهما واسطة، فإن العدالة ملكة تحمل على ملازمة التقوى، والصبي إذا بلغ ولم يصدر منه كبيرة ولم تحصل له تلك الملكة لا عدل ولا فاسق وقد نقل الإمام والغزالي الاتفاق على أن المستور يلي، وأثبت غيرهما فيه خلافا. وأصحاب الحرف الدنيئة يلون كما رجح في الروضة انقطع به بعد حكاية وجهين. وحيث منعنا ولاية الفاسق، فقال البغوي: إذا تاب زوج في الحال، وكذا ذكره الخوارزمي، وذكر المتولي وغيره نحوه في العضل. ووجه بأن الشرط في ولي النكاح عدم الفسق لا قبول الشهادة المعتبر فيها العدالة المتقدم تعريفها والاستبراء إنما يعتبر لقبول الشهادة، وهذا هو المعتمد لأنه بالتزويج في العضل زال ما لأجله عصى وفسق قطعا، وبتوبته عن فسق آخر صار مستور العدالة، وتقدم أنه يزوج. وقال ابن المقري: لا يزوج في الحال بل لا بد من الاستبراء