المصنف في أولها بقوله: (فإن عرف السابق) منهما ببينة أو تصادق معتبر، (فهو الصحيح) وإن دخل بها المسبوق، والآخر باطل، ثم شرع في ثانيها بقوله: (وإن وقعا) أي التزويجات (معا) وتعدد الخاطب. ثم شرع في ثالثها بقوله:
(أو جهل السبق والمعية) فيهما، (فباطلان) أما في الأولى فلان الجمع ممتنع وليس أحدهما أولى من الآخر، فتعين بطلانهما. وأما في الثانية فلأنهما إن وقعا معا تدافعا، أو مرتبا فلا اطلاع على السابق منهما، وإذا تعذر إمضاء العقد لغا، إذ الأصل في الايضاع الحرمة حتى يتحقق السبب المبيح. فإن اتحد الخاطب في الصورة الأولى بأن أوجب كل من الوليين له معا صح ويقبل كل من الايجابين. ويستحب في الصورة الثانية أن يقول القاضي: فسخت السابق منهما أو يأمرهما أو أحدهما بالتطليق ليكون نكاحها بعد على يقين الصحة، ويثبت للقاضي هذه الولاية في هذه الحالة للضرورة، قاله المتولي وغيره. ثم شرع في رابعها بقوله: (وكذا لو عرف سبق أحدهما) أي الزوجين، (ولم يتعين) بأن أيس من تعيينه ولم ترج معرفته، فباطلان أيضا (على المذهب) أما الثاني منهما فظاهر، وأما الأول فلتعذر إمضائه لعدم تعيينه. والطريق الثاني: قولان، أحدهما هذا. والثاني: مخرج من نظير المسألة في الجمعتين أنه يوقف الامر حتى يتعين، فإن رجي معرفته وجب التوقف كما في الذخائر.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن النكاحين يبطلان ظاهرا وباطنا فيما إذا علم السبق دون السابق وعند جهل السبق والمعية، قال الأذرعي: وهو الذي اقتضاه كلام الشيخ أبي حامد وغيره. والذي في الروضة: ينبغي أن يقال الأصح إن جرى فسخ من الحاكم فسخ باطنا وإلا فلا، لأن المرأة لما لم يحصل لها العوض عاد إليها المعوض، كالبائع إذا أفلس المشتري بثمن سلعته عادت إليه بفسخ الحاكم ملكا ظاهرا وباطنا. ثم شرع في خامسها بقوله: (ولو سبق معين ثم اشتبه) بالآخر، (وجب التوقف حتى يتبين) السابق لجواز التذكر، لأنا تحققنا صحة العقد فلا يرتفع إلا بيقين فيمتنعان منها، فلا يحل لواحد منهما الاستمتاع بها. ولا تنكح غيرهما إلا ببينونتها منهما بأن يطلقاها أو يموتا أو يطلقها أحدهما ويموت الآخر، وتنقضي عدتها من موت آخرهما ولا يبالي بطول ضررها كزوجة المفقود. والذي انقطع دمها بمرض ونحوه فإنها تصير إلى سن اليأس مع الضرر، ولها طلب فسخ نكاحها في هذه الحالة لتضررها بسبب التوقف للاشكال كالعيب كما قاله الشيخان في موانع النكاح.
تنبيه: هذا كله إذا كانا كفؤين كما تقرر، فإن كانا غير كفؤين فنكاحهما باطل، أو أحدهما كفء فنكاحه هو الصحيح وإن تأخر، وهو محمول على إذا لم يرضوا بكل منهما. وحيث قلنا بالتوقف فمات في مدته أحدهما وقف من تركته ميراث زوجة إن لم يكن له غيرها وإلا فحصتها من الربع أو الثمن، أو ماتت هي وقف ميراث زوج إلى تبين الحال أو الاصطلاح، ولا يطالب أحدهما بالمهر للاشكال، ولا سبيل إلى إلزام مهرين ولا إلى قسمة مهر عليهما. وفي مطالبتها بالنفقة وجهان: أصحهما عند الإمام والغزالي لا، لعدم التمكين، والأصل البراءة وحبسها ليس من جهتهما، وعند ابن كج وغيره نعم لصورة العقد وعدم النشوز مع حبسها، وكلام الرافعي في الشرح الصغير يقتضي ترجيحه، وهو المعتمد، وليس في الروضة كأصلها تصريح بترجيح. وعلى الوجوب يوزع عليهما، فإن تعين السابق منهما وقد اتفقا لم يرجع الآخر عليه بما أنفق إلا إذا أنفق بإذن الحاكم كما صوبه الأسنوي وغيره، وقال أبو عاصم العبادي:
يحتمل أن يقال إنما يرجع إذا أنفق بغير إذن الحاكم، وبهذا قطع ابن كج، كذا في الروضة وأصلها. وجرى على هذا ابن المقري، ووجهه شيخي بأن الاذن هنا بمعنى الالزام، واللازم للشخص لا يرجع به، ومع هذا فالأوجه الأول.
وما تقدم كله عند اعتراف الزوجين بالاشكال. (فإن ادعى كل زوج) منهما عليها أو أحدهما فقط، وكل كفء كما مر أو عند إسقاط الكفاءة، (علمها بسبقه) أي سبق نكاحه معينا، ولو عبر به كان أولى، (سمعت دعواهما بناء على