مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٦١
المصنف في أولها بقوله: (فإن عرف السابق) منهما ببينة أو تصادق معتبر، (فهو الصحيح) وإن دخل بها المسبوق، والآخر باطل، ثم شرع في ثانيها بقوله: (وإن وقعا) أي التزويجات (معا) وتعدد الخاطب. ثم شرع في ثالثها بقوله:
(أو جهل السبق والمعية) فيهما، (فباطلان) أما في الأولى فلان الجمع ممتنع وليس أحدهما أولى من الآخر، فتعين بطلانهما. وأما في الثانية فلأنهما إن وقعا معا تدافعا، أو مرتبا فلا اطلاع على السابق منهما، وإذا تعذر إمضاء العقد لغا، إذ الأصل في الايضاع الحرمة حتى يتحقق السبب المبيح. فإن اتحد الخاطب في الصورة الأولى بأن أوجب كل من الوليين له معا صح ويقبل كل من الايجابين. ويستحب في الصورة الثانية أن يقول القاضي: فسخت السابق منهما أو يأمرهما أو أحدهما بالتطليق ليكون نكاحها بعد على يقين الصحة، ويثبت للقاضي هذه الولاية في هذه الحالة للضرورة، قاله المتولي وغيره. ثم شرع في رابعها بقوله: (وكذا لو عرف سبق أحدهما) أي الزوجين، (ولم يتعين) بأن أيس من تعيينه ولم ترج معرفته، فباطلان أيضا (على المذهب) أما الثاني منهما فظاهر، وأما الأول فلتعذر إمضائه لعدم تعيينه. والطريق الثاني: قولان، أحدهما هذا. والثاني: مخرج من نظير المسألة في الجمعتين أنه يوقف الامر حتى يتعين، فإن رجي معرفته وجب التوقف كما في الذخائر.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن النكاحين يبطلان ظاهرا وباطنا فيما إذا علم السبق دون السابق وعند جهل السبق والمعية، قال الأذرعي: وهو الذي اقتضاه كلام الشيخ أبي حامد وغيره. والذي في الروضة: ينبغي أن يقال الأصح إن جرى فسخ من الحاكم فسخ باطنا وإلا فلا، لأن المرأة لما لم يحصل لها العوض عاد إليها المعوض، كالبائع إذا أفلس المشتري بثمن سلعته عادت إليه بفسخ الحاكم ملكا ظاهرا وباطنا. ثم شرع في خامسها بقوله: (ولو سبق معين ثم اشتبه) بالآخر، (وجب التوقف حتى يتبين) السابق لجواز التذكر، لأنا تحققنا صحة العقد فلا يرتفع إلا بيقين فيمتنعان منها، فلا يحل لواحد منهما الاستمتاع بها. ولا تنكح غيرهما إلا ببينونتها منهما بأن يطلقاها أو يموتا أو يطلقها أحدهما ويموت الآخر، وتنقضي عدتها من موت آخرهما ولا يبالي بطول ضررها كزوجة المفقود. والذي انقطع دمها بمرض ونحوه فإنها تصير إلى سن اليأس مع الضرر، ولها طلب فسخ نكاحها في هذه الحالة لتضررها بسبب التوقف للاشكال كالعيب كما قاله الشيخان في موانع النكاح.
تنبيه: هذا كله إذا كانا كفؤين كما تقرر، فإن كانا غير كفؤين فنكاحهما باطل، أو أحدهما كفء فنكاحه هو الصحيح وإن تأخر، وهو محمول على إذا لم يرضوا بكل منهما. وحيث قلنا بالتوقف فمات في مدته أحدهما وقف من تركته ميراث زوجة إن لم يكن له غيرها وإلا فحصتها من الربع أو الثمن، أو ماتت هي وقف ميراث زوج إلى تبين الحال أو الاصطلاح، ولا يطالب أحدهما بالمهر للاشكال، ولا سبيل إلى إلزام مهرين ولا إلى قسمة مهر عليهما. وفي مطالبتها بالنفقة وجهان: أصحهما عند الإمام والغزالي لا، لعدم التمكين، والأصل البراءة وحبسها ليس من جهتهما، وعند ابن كج وغيره نعم لصورة العقد وعدم النشوز مع حبسها، وكلام الرافعي في الشرح الصغير يقتضي ترجيحه، وهو المعتمد، وليس في الروضة كأصلها تصريح بترجيح. وعلى الوجوب يوزع عليهما، فإن تعين السابق منهما وقد اتفقا لم يرجع الآخر عليه بما أنفق إلا إذا أنفق بإذن الحاكم كما صوبه الأسنوي وغيره، وقال أبو عاصم العبادي:
يحتمل أن يقال إنما يرجع إذا أنفق بغير إذن الحاكم، وبهذا قطع ابن كج، كذا في الروضة وأصلها. وجرى على هذا ابن المقري، ووجهه شيخي بأن الاذن هنا بمعنى الالزام، واللازم للشخص لا يرجع به، ومع هذا فالأوجه الأول.
وما تقدم كله عند اعتراف الزوجين بالاشكال. (فإن ادعى كل زوج) منهما عليها أو أحدهما فقط، وكل كفء كما مر أو عند إسقاط الكفاءة، (علمها بسبقه) أي سبق نكاحه معينا، ولو عبر به كان أولى، (سمعت دعواهما بناء على
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460