لأنه على خلاف الغبطة، لأن ولي المال لا يصح تصرفه بغير الغبطة فولي البضع أولى. (وفي الآخر يصح. وللبالغة الخيار) في الحال، (وللصغيرة) أيضا (إذا بلغت) لما مر. ويجري الخلاف الذي ذكره المصنف في تزويج غير المجبر إذا أذنت في التزويج مطلقا. (ولو طلبت من لا ولي لها) خاصا (أن يزوجها السلطان) أو نائبه (بغير كفء ففعل لم يصح) وتزويجه به (في الأصح) لأنه نائب المسلمين ولهم حظ في الكفاءة. والثاني: يصح كالولي الخاص، وصححه البلقيني وقال: إن ما صححه المصنف ليس بمعتمد وليس للشافعي نص شاهد له ولا وجه له. فإن قيل: يدل لذلك خبر فاطمة بنت قيس السابق. أجيب بأنه ليس فيه أنه (ص) زوجها أسامة بل أشار عليها به ولا يدرى من زوجها فيجوز أن يكون زوجها ولي خاص برضاها، ولو كان لها ولي ولكن زوجها السلطان لغيبته أو عضله أو إحرامه فلا تزوج إلا من كفء قطعا لأنه نائب عنه في التصرف فلا يصح ذلك مع عدم إذنه، ولو كان الولي حاضرا وفيه مانع من فسق ونحوه وليس بعده إلا السلطان فزوج السلطان من غير كفء برضاها فظاهر إطلاقهم طرد الوجهين. لما اعتبر الكفاءة في النكاح، وهي بالفتح والمد والهمزة لغة: التساوي والتعادل، وشرعا: أمر يوجب عدمه عارا، شرع في بيانها فقال: (وخصال الكفاءة) أي الصفات المعتبرة فيها ليعتبر مثلها في الزوج خمسة: أولها: (سلامة من العيوب المثبتة للخيار) في النكاح، وسيأتي في بابه، فمن به بعضها كجنون أو جذام أو برص ليس كفؤا للسليمة عنها، لأن النفس تعاف صحبة من به بعضها ويختل بها مقصود النكاح، ولو كان بها عيب أيضا فلا كفاءة اختلف العيبان كرتقاء ومجبوب أو اتفقا كأبرص وبرصاء وإن كان ما بها أكثر وأفحش لأن الانسان يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه.
تنبيه: استثنى البغوي والخوارزمي العنة لعدم تحققها فلا نظر إليها في الكفاءة، وجرى على ذلك الأسنوي وابن المقري. قال الشيخان: وفي تعليق الشيخ أبي حامد وغيره التسوية بينها وبين غيرها، وإطلاق الجمهور يوافقه اه.
وهذا هو المعتمد. ووجه بأن الأحكام تبنى على الظاهر ولا تتوقف على التحقق. وما أطلقه المصنف من اشتراط السلامة من هذه العيوب هو على عمومه بالنسبة إلى المرأة، أما بالنسبة إلى الولي فيعتبر في حقه الجنون والجذام والبرص لا الجب والعنة وألحق الروياني بالعيوب الخمسة العيوب المنفردة كالعمى والقطع وتشوه الصورة، وقال: هي تمنع الكفاءة عندي، وبه قال بعض الأصحاب، واختاره الصيمري، وهذا خلاف المذهب. قال الزركشي: والتنقي من العيوب إنما يعتبر في الزوجين خاصة دون آبائهما فابن الأبرص كفء لمن أبوها سليم، ذكره الهروي في الاشراف. والأوجه أنه ليس كفؤا لها لأنها تعير به. (و) ثانيها: (حرية، فالرقيق) كلا أو بعضا أو مكاتبا (ليس كفؤا لحرة) ولو عتيقة، لأنها تعير به وتتضرر بسبب النفقة. ولهذا خيرت بريرة لما عتقت تحت زوجها وكان عبدا كما سيأتي، وليس الرقيق كفؤا لمبعضة كما في الكفاية عن الذخائر. وهل المبعض كفء لها؟ قال في البحر: إن استويا أو زادت حريته كان كفؤا لها وإلا فلا. (والعتيق) كفء لعتيقة و (ليس كفؤا لحرة أصلية) لنقصه عنها، وليس من مس الرق أحد آبائه أو أبا أقرب كفؤا لخلافه. والرق في الأمهات لا يؤثر كما في زوائد الروضة أنه المفهوم من كلامهم، وصرح به في البيان خلافا لما بحثه الرافعي في التأثير ووافقه ابن الرفعة. قال السبكي: وما جزم به المصنف من كون العتيق ليس كفؤا لحرة أصلية لا يساعده عليه عرف ولا دليل فيبقى التوقف فيه، وقد رأينا كثيرا من ذلك في هذا الزمان أن يكون من مسه الرق أو مس أحد آبائه أميرا كبيرا أو ملكا كبيرا والمرأة دونه بكثير بحيث تفتخر به وهي حرة الأصل، وذكر نحوه البلقيني. (و) ثالثها:
(نسب) بأن تنسب المرأة إلى من تشرف به بالنظر إلى من ينسب الزوج إليه، لأن العرب تفتخر بأنسابها أتم الافتخار والاعتبار في النسب بالآباء، (فالعجمي) أبا وإن كانت أمه عربية (ليس كفء عربية) أبا وإن كانت أمها أعجمية،