قتل نفسه فحمله الجمهور على الزجر عن مثل فعله، وصلت عليه الصحابة لئلا يرتكب الناس ما ارتكب. وأجاب ابن حبان عنه في صحيحه بأنه منسوخ.
فائدة: روى أحمد في الزهد عن منذر بن جندب أن ولدا له اعتل من كثرة الاكل، فقال: إن مات لم أصل عليه، لأنه مات عاصيا. (ولو نوى الامام صلاة غائب، و) نوى (المأموم صلاة حاضر أو عكس) كل منهما (جاز) ذلك، لأن اختلاف نيتهما لا تضر، كما لو صلى الظهر وراء مصلي العصر، ومثل ذلك ما لو نوى الامام حاضرا أو غائبا، والمأموم حاضرا أو غائبا آخر، فالحاصل أربع مسائل. ولو قال المصنف: ولو نوى المأموم الصلاة على غير ما نواه الامام لشمل الأربع. (والدفن في المقبرة أفضل) منه بغيرها لما يلحقه من دعاء الزوار والمارين، ولأنه (ص) كان يدفن أهله وأصحابه بالبقيع. وفي فتاوى القفال أن الدفن بالبيت مكروه، قال الأذرعي: إلا أن تدعو إليه حاجة أو مصلحة. على أن المشهور أنه خلاف الأولى لا مكروه، وأما دفنه (ص) في بيته فلان الله تعالى لم يقبض نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه. واستثنى الأذرعي وغيره الشهيد، فيسن دفنه حيث قتل لحديث فيه، ويسن الدفن في أفضل مقبرة بالبلد كالمقبرة المشهورة بالصالحين. ولو قال بعض الورثة يدفن في ملكي أو في أرض التركة والباقون في المقبرة، أجيب طالبها. فإن دفنه بعض الورثة في أرض نفسه لم ينقل أو في أرض التركة فللباقين لا للمشتري نقله والأولى تركه، وله الخيار إن جهل والدفن له إن بلي الميت أو نقل منه. وإن تنازعوا في مقبرتين ولم يوص الميت بشئ قال ابن الأستاذ: إن كان الميت رجلا أجيب المقدم في الصلاة والغسل، فإن استووا أقرع، وإن كانت امرأة أجيب القريب دون الزوج، وهذا كما قال الأذرعي: محله عند استواء التربتين وإلا فيجب أن ينظر إلى ما هو أصلح للميت فيجاب الداعي إليه، كما لو كانت إحداهما أقرب أو أصلح أو مجاورة الأخيار والأخرى بالضد من ذلك، بل لو اتفقوا على خلاف الأصلح منعهم الحاكم من ذلك لأجل الميت. ولو تنازع الأب والام في دفن ولد فقال كل منهما أنا أدفنه في تربتي، فالظاهر كما قال بعض المتأخرين إجابة الأب. ولو كانت المقبرة مغصوبة أو اشتراها ظالم بمال خبيث ثم سبلها، أو كان أهلها أهل بدعة أو فسق، أو كانت تربتها فاسدة لملوحة أو نحوها، أو كان نقل الميت إليها يؤدي إلى انفجاره، فالأفضل اجتنابها بل يجب في بعض ذلك كما هو ظاهر. ولو مات شخص في سفينة وأمكن من هناك دفنه لكونهم قرب البر ولا مانع، لزمهم التأخير ليدفنوه فيه، وإلا جعل بين لوحين لئلا ينتفخ وألقي لينبذه البحر إلى من لعله يدفنه، ولو ثقل بشئ لينزل إلى القرار لم يأثموا. وإذا ألقوه بين لوحين أو في البحر وجب عليهم قبل ذلك غسله وتكفينه والصلاة عليه بلا خلاف. ولا يجوز دفن مسلم في مقبرة الكفار ولا عكسه، وإذا اختلطوا دفنوا في مقبرة مستقلة كما مر. ومقبرة أهل الحرب إذا اندرست جاز أن تجعل مقبرة للمسلمين ومسجدا، لأن النبي (ص) كان كذلك. ولو حفر شخص قبرا في مقبرة لم يكن أحق به من ميت آخر يحضر لأنه لا يدري بأي أرض يموت، لكن الأولى أن لا يزاحم عليه. (ويكره المبيت بها) أي المقبرة لما فيها من الوحشة، وربما رأى ما يزيل عقله. وفي كلامه ما يشعر بعدم الكراهة في القبر المفرد، قال الأسنوي:
وفيه احتمال، وقد يفرق بين أن يكون بصحراء أو في بيت مسكون اه. والتفرق أظهر، بل كثير من الترب مسكونة فينبغي أن لا يكره فيها. ويؤخذ من التعليل أن الكلام فيما إذا كان منفردا، وأما إذا كانوا جماعة كما يقع الآن كثيرا في البيات ليلة الجمعة لقراء قرآن أو زيارة فلا كراهة في ذلك. (ويندب ستر القبر بثوب) عند إدخال الميت فيه، (وإن كان) الميت (رجلا) لأنه (ص) ستر قبر سعد بن معاذ، ولأنه أستر لما عساه أن ينكشف مما كان يجب ستره. وهو للأنثى آكد منه لغيرها، بل قيل يختص الستر بها، وهو ظاهر النص، وللخنثى آكد من الرجل كما في الحياة. (و) يندب (أن يقول) الذي يدخله القبر: (بسم الله وعلى ملة رسول الله (ص)) للاتباع، كما رواه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم،