مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٥
إلى القبلة ثم الاسن فالأسن على الترتيب المذكور فيما إذا دفنوا في قبر واحد كما قاله غيره. ويتجه كما قال الدميري إلحاق الزوجين والعتقاء والأصدقاء بالأقارب. (و) يندب (زيارة القبور) التي فيها المسلمون (للرجال) بالاجماع. وكانت زيارتها منهيا عنها، ثم نسخت لقوله (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تدخل النساء في ضمير الرجال على المختار. وكان (ص) يخرج إلى البقيع، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون.
اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد وروي: فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت. وإنما نهاهم أولا لقرب عهدهم بالجاهلية، فلما استقرت قواعد الاسلام واشتهرت أمرهم بها. وذكر القاضي أبو الطيب في تعليقه ما حاصله: أنه من كان يستحب له زيارته في حياته من قريب أو صاحب، فيسن له زيارته في الموت كما في حال الحياة، وأما غيرهم فيسن له زيارته إن قصد بها تذكر الموت أو الترحم عليه ونحو ذلك. قال الأسنوي: وهو حسن، وذكر في البحر نحوه. قال الأذرعي: والأشبه أن موضع الندب إذا لم يكن في ذلك سفر لزيارة القبور فقط، بل في كلام الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز السفر لذلك، واستثنى قبر نبينا (ص)، ولعل مراده أنه لا يجوز جوازا مستوي الطرفين، أي فيكره. ويسن الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي الحسين في شرح الفروع. أما قبور الكفار فزيارتها مباحة وإن جزم الماوردي بحرمتها. (وتكره) زيارتها (للنساء) لأنها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن لما فيهن من رقة القلب وكثرة الجزع وقلة احتمال المصائب، وإنما لم تحرم لأنه (ص) مر بامرأة على قبر تبكي على صبي لها فقال لها: اتقي الله واصبري متفق عليه، فلو كانت الزيارة حراما لنهى عنها. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كيف أقول يا رسول الله؟ يعني إذا زرت القبور. قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواه مسلم.
(وقيل تحرم) لما روى ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) لعن زوارات القبور وليس هذا الوجه في الروضة، وبه قال صاحب المهذب وغيره. (وقيل تباح) جزم به في الاحياء وصححه الروياني إذا أمن الافتنان، عملا بالأصل والخبر فيما إذا ترتب عليها بكاء ونحو ذلك. ومحل هذه الأقوال في غير زيارة قبر سيد المرسلين، أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء. وألحق الدمنهوري به قبور بقية الأنبياء والصالحين والشهداء، وهذا ظاهر وإن قال الأذرعي لم أره للمتقدمين. قال ابن شهبة: فإن صح ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنهم أولى بالصلة من الصالحين اه‍. والأولى عدم إلحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الكراهة. ( ويسلم) ندبا، (للزائر) للقبور من المسلمين مستقبلا وجهه قائلا ما علمه النبي (ص) لأصحابه إذا خرجوا للمقابر: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية أو: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون كما رواهما مسلم، زاد أبو داود: اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم لكن بسند ضعيف. وقوله: إن شاء الله للتبرك، ويجوز أن يكون للموت في تلك البقعة أو على الاسلام، أو إن بمعنى إذ كقوله تعالى:
* (وخافون إن كنتم مؤمنين) *. وقوله دار أي أهل دار، ونصبه على الاختصاص أو النداء، ويجوز جره على البدل.
والمشهور أنه يقول: السلام عليكم، وقال القاضي حسين والمتولي: لا يقل السلام عليكم لأنهم ليسوا أهلا للخطاب، بل يقول: وعليكم السلام، فقد ورد أن شخصا قال: عليك السلام يا رسول الله فقال: لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى وأجاب الأول بأن هذا إخبار عن عادة العرب لا تعليم لهم. (ويقرأ) عنده من القرآن ما تيسر وهو سنة في المقابر، فإن الثواب للحاضرين والميت كحاضر يرجى له الرحمة. وفي ثواب القراءة للميت كلام يأتي إن شاء الله تعالى في الوصايا. (ويدعو) له عقب القراءة رجاء الإجابة لأن الدعاء ينفع الميت، وهو عقب القراءة أقرب إلى الإجابة. وعند الدعاء يستقبل القبلة، وإن قال الخراسانيون باستحباب استقبال وجه الميت. قال المصنف: ويستحب الاكثار من الزيارة وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل. (ويحرم نقل الميت) قبل أن يدفن من بلد موته، (إلى بلد آخر) ليدفن
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532