مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦١
ما بينهما في غير المسجد على ثلاثمائة ذراع تقريبا تنزيلا للميت منزلة الامام. (وتجوز) بلا كراهة، بل يستحب كما في المجموع (الصلاة عليه) أي الميت (في المسجد) إن لم يخش تلويثه، لأنه (ص) صلى فيه على سهل وسهيل ابني بيضاء كما رواه مسلم، فالصلاة عليه في المسجد أفضل لذلك، ولأنه أشرف. قال في زيادة الروضة: وأما حديث: من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له فضعيف صرح بضعفه أحمد وابن المنذر والبيهقي، وأيضا الرواية المشهورة: فلا شئ عليه. أما إذا خيف منه تلويث المسجد فلا يجوز إدخاله. (ويسن جعل صفوفهم) أي المصلين على الميت (ثلاثة فأكثر) لحديث صححه الحاكم: من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد وجبت - أي حصلت له - المغفرة. وفي رواية: فقد غفر له، وفي مسلم: ما من مسلم يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون فيه إلا شفعوا فيه. وهنا فضيلة الصف الأول وفضيلة غيره سواء، بخلاف بقية الصلوات، للنص على كثرة الصفوف هنا.
فرع: قال في البحر: يتأكد استحباب الصلاة على من مات في وقت فضيلة كيوم عرفة والعيد ويوم الجمعة وحضور دفنه، فقد صح عنه (ص) أن: من مات ليلة الجمعة ودفن في يومها وقي فتنة القبر. (وإذا صلي عليه) أي الميت (فحضر من) أي شخص (لم يصل) عليه (صلى) عليه ندبا، لأنه (ص) صلى على قبور جماعة ومعلوم أنهم إنما دفنوا بعد الصلاة عليهم. وتقع هذه الصلاة فرضا كالأولى سواء أكانت قبل الدفن أم بعده، فينوي بها الفرض كما في المجموع عن المتولي ويثاب ثوابه. (ومن صلى) على ميت منفردا أو في جماعة (لا يعيد ) ها، أي لا يسن له إعادتها، (على الصحيح) لأن الجنازة لا يتنفل بها، والثانية تقع نفلا. نعم فاقد الطهورين إذا صلى ثم وجد ماء يتطهر به فإنه يعيد كما أفتى به القفال. والثاني: يسن إعادتها في جماعة سواء أصلى منفردا أم في جماعة كغيرها من الصلوات. والثالث: إن صلى منفردا ثم وجد جماعة سن له الإعادة معهم لحيازة فضيلتها وإلا فلا. والرابع: تكره إعادتها.
والخامس: تحرم. وعلى الأول لو صلى ثانيا صحت صلاته نفلا على الصحيح في المجموع. وهذه خارجة عن القياس، لأن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد، بل قيل: إن هذه تقع فرضا كصلاة الطائفة الثانية، ولعل وجه ذلك أنه لما كان القصد من هذه الصلاة الدعاء للميت والشفاعة له صحت دون غيرها. وأما من لم يصل فتقع صلاته فرضا، لأن هذه الصلاة لا يتنفل بها كما مر. فإن قيل: قد سقط الفرض بالأولى فلا تقع الثانية فرضا. أجيب بأن الساقط بالأولى عن الباقين حرج الفرض لا هو، وقد يكون ابتداء الشئ غير فرض وبالدخول فيه يصير فرضا كحج التطوع وأحد خصال الواجب المخير. وقد أوضح ذلك السبكي رحمه الله تعالى، فقال: فرض الكفاية إذا لم يتم به المقصود، بل تتجدد مصلحته بتكرر الفاعلين كتعلم العلم وحفظ القرآن وصلاة الجنازة، إذ مقصودها الشفاعة، لا يسقط بفعل البعض وإن سقطا لحرج، وليس كل فرض يأثم بتركه مطلقا. (ولا تؤخر) الصلاة (لزيادة مصلين) للخبر الصحيح: أسرعوا بالجنازة ولا بأس بانتظار الولي عن قرب ما لم يخش تغير الميت.
تنبيه: شمل كلامه صورتين: إحداهما إذا حضر جمع قليل قبل الصلاة لا ينتظر غيرهم ليكثروا. نعم، قال الزركشي وغيره: إذا كانوا دون أربعين فينتظر كما لهم عن قرب، لأن هذا العدد مطلوب فيها. وفي مسلم عن ابن عباس: أنه كان يؤخر الصلاة للأربعين، قيل: وحكمته أنه لم يجتمع أربعون إلا كان لله فيهم ولي، وحكم المائة كالأربعين كما يؤخذ من الحديث المتقدم. والصورة الثانية: إذا صلى عليه من يسقط به الفرض لا تنتظر جماعة أخرى ليصلوا عليه صلاة أخرى بل يصلون على القبر، نص عليه الشافعي، لأن الاسراع بالدفن حق للميت، والصلاة لا تتفوت بالدفن. (وقاتل نفسه) حكمه (كغيره في) وجوب (الغسل) له (والصلاة) عليه، لقوله (ص): الصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر رواه البيهقي وقال: هو أصح ما في الباب، إلا أن فيه إرسالا، والمرسل حجة إذا اعتضد بأحد أمور: منها قول أكثر أهل العلم وهو موجود هنا. وأما ما رواه مسلم: من أنه (ص) لم يصل على الذي
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532