يكره في حق المرأة بطريق الأولى، وأما الرجل فيحرم كما علم من قوله فيما مضى: يكفن بما له لبسه حيا. (و) تكره (المغالاة فيه) أي الكفن بارتفاع ثمنه لقوله (ص): لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا رواه أبو داود. واحترز بالمغالاة عن تحسينه في بياضه ونظافته وسبوغه فإنها مستحبة لما في مسلم: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه أي يتخذه أبيض نظيفا سابغا. وفي كامل ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم. (و) الملبوس (المغسول) بأن يكفن فيه الميت (أولى من الجديد) لأنه للصديد، والحي أحق بالجديد، فقد روى البخاري أن الصديق رضي الله عنه أوصى أن يكفن في ثوبه الخلق وزيادة ثوبين، وقال:
الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للصديد. وقيل الجديد أولى، لحديث مسلم السابق. وكفن (ص) في ثلاثة أثواب سحولية جدد، قال الأذرعي: وهو الأصح مذهبا ودليلا. (و) الصغير (الصبي) أو الصبية أو الخنثى (كبالغ في تكفينه بأثواب) ثلاثة تشبيها له بالبالغ. وأشار بقوله بأثواب إلى أن هذا بالنسبة إلى العدد لا في جنس ما يكفن فيه، لأن ذلك تقدم في قوله: يكن بماله لبسه حيا. (والحنوط) بفتح الحاء أي ذره كما مر، (مستحب) لا واجب كما لا يجب الطيب للمفلس وإن وجبت كسوته، (وقيل واجب) كالكفر للامر به. (ولا يحمل الجنازة إلا الرجال) ندبا، (وإن كان) الميت (أنثى) لأن النساء يضعفن عن الحمل فيكره لهن، فإن لم يوجد غيرهن تعين عليهن. (ويحرم حملها على هيئة مزرية) كحملها في غرارة أو قفة، وحمل الكبير على اليد أو الكتف من غير نعش بخلاف الصغير. (وهيئة يخاف منها سقوطها) لأنه تعريض لإهانته. قال في المجموع: ويحمل على سرير أو لوح أو محمل وأي شئ حمل عليه أجزأ، وإن خيف تغيره وانفجاره قبل أن يهيأ له ما يحمل عليه فلا بأس أن يحمل على الأيدي والرقاب للحاجة حتى يوصل إلى القبر.
(ويندب للمرأة ما يسترها كتابوت) وهو سرير فوقه خيمة أو قبة أو مكبة، لأن ذلك أستر لها. وأول من فعل له ذلك زينب زوجة النبي (ص) وكانت قد رأته بالحبشة لما هاجرت وأوصت به. ومثلها الخنثى. (ولا يكره الركوب) أي لا بأس به، (في الرجوع منها) لأنه (ص) ركب فرسا معرورا لما رجع من جنازة أبي الدحداح، رواه مسلم من حديث جابر ابن سمرة. وأما في الذهاب فتقدم أنه يكره إلا لعذر كعبد المكان أو ضعف. (ولا بأس باتباع المسلم) بتشديد المثناة، (جنازة قريبه الكافر) لأنه عليه الصلاة والسلام أمر عليا رضي الله تعالى عنه أن يواري أبا طالب كما رواه أبو داود.
قال الأسنوي: كذا استدل به المصنف وغيره وليس فيه دليل على مطلق القرابة، لأن عليا كان يجب عليه ذلك كما يجب عليه القيام بمؤنته في حال الحياة اه. وقد يفهم كلام المصنف تحريم اتباع المسلم جنازة الكافر غير القريب، وبه صرح الشاشي. قال الأذرعي ولا يبعد إلحاق الزوجة والمملوك بالقريب، وهل يلحق به الجار كما في العيادة؟ فيه نظر اه. والظاهر الالحاق. ويجوز للمسلم زيارة قبر قريبه الكافر عند الأكثرين، وقال الماوردي: لا يجوز لقوله تعالى: * (ولا تقم على قبره) *. قال في المجموع:
وهذا غلط فالأكثرون قطعوا بالجواز، أي فيكون مكروها. (ويكره اللغط) بفتح الغين وسكونها، وهو ارتفاع الأصوات. (في) السير مع (الجنازة) لما رواه البيهقي من أن الصحابة كرهوا رفع الصوت عند الجنائز وعند القتال وعند الذكر. قال في المجموع والمختار: بل الصواب ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة. ولا يرفع صوته بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما، بل يشتغل بالتفكر في الموت وما يتعلق به. وما يفعله جهلة القراء بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه فحرام يجب إنكاره، وكره الحسن وغيره قولهم استغفروا لأخيكم، وسمع ابن عمر قائلا يقول: استغفروا له غفر الله لكم فقال: لا غفر الله لك رواه سعيد بن منصور في سننه. (و) يكره (إتباعها) بسكون المثناة الفوقية، (بنار)