مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٣
وفي رواية: سنة بدل ملة. ويسن أن يزيد من الدعاء ما يناسب الحال. (ولا يفرش تحته) في القبر (شئ) من الفراش، ( ولا) يوضع تحت رأسه (مخدة) بكسر الميم جمعها مخاد بفتحها، سميت بذلك لكونها آلة لوضع الخد عليها، أي يكره ذلك لأنه إضاعة مال بل يوضع بدلها حجر أو لبنة ويفضي بخده إليه أو إلى التراب كما مرت الإشارة إليه. وفي سنن البيهقي عن أبي موسى الأشعري أنه لما احتضر أوصى أن لا يجعلوا في لحده شيئا يحول بينه وبين التراب. وأوصى عمر أنهم إذا أنزلوه القبر يفضوا بخده إلى الأرض. وقال البغوي: لا بأس أن يبسط تحت جنبه شئ، لأنه جعل في قبره (ص) قطيفة حمراء. وأجاب الأصحاب بأن ذلك لم يكن صادرا عن جملة الصحابة ولا برضاهم وإنما فعله شقران كراهية أن يلبسها أحد بعده (ص)، وفي الاستيعاب أن تلك القطيفة أخرجت قبل أن يهال التراب.
تنبيه: لو عبر المصنف بقوله: ولا يتخذ له فراش ولا مخدة لاستغنى عما قدرته، لأن المخدة إن دخلت فيما يفرش تحته فقد دخلت في لفظ الشئ، وإن لم تدخل فيه وهو الصواب لم يبق لها عامل يرفعها. (ويكره دفنه في تابوت) بالاجماع لأنه بدعة، (إلا في أرض ندية) بسكون الدال وتخفيف التحتية، (أو رخوة) وهي بكسر الراء أفصح من فتحها: ضد الشديدة، فلا يكره للمصلحة، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة. ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت، أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي لئلا يمسها الأجانب عند الدفن أو غيره. وألحق في الوسيط بذلك دفنه في أرض مسبعة بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت. (ويجوز) بلا كراهة (الدفن ليلا) لأن عائشة وفاطمة والخلفاء الراشدين ما عدا عليا رضي الله تعالى عنهم دفنوا ليلا، وقد فعله (ص) كما صححه الحاكم. ولا يخفى أن الكلام في موتى المسلمين، أما أهل الذمة فإنهم لا يمكنون من إخراج جنائزهم نهارا، وعلى الامام منعهم من ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الجزية. (و) كذا يجوز (وقت كراهة الصلاة) بلا كراهة بالاجماع، لأن له سببا متقدما أو مقارنا، وهو الموت. (ما لم يتحره) فإن تحراه كره كما في المجموع واقتضاه كلام الروضة، وإن اقتضى المتن عدم الجواز، وجرى عليه شيخنا في شرح منهجه. ويمكن حمله على عدم الجواز المستوي الطرفين، وعلى الكراهة حمل خبر مسلم عن عقبة بن عامر: ثلاث ساعات نهانا رسول الله (ص) عن الصلاة فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا. وذكر وقت الاستواء، والطلوع والغروب. وظاهر الخبر أنه لا يكره تحري الدفن في الوقتين المتعلقين بالفعل، وهما بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر. وجرى على ذلك الأسنوي وصوب في الخادم كراهة تحري الأوقات كلها، وهو الظاهر. (وغيرهما) أي الليل، ووقت الكراهة (أفضل) أي فاضل بشرط أن يخاف من تأخيره إلى غيرهما تغيرا لسهولة الاجتماع والوضع في القبر، قال الأسنوي: وما ذكر من تفضيل غير أوقات الكراهة عليها لم يتعرض له في الروضة ولا في المجموع ولا تتجه صحته، فإن المبادرة مستحبة اه‍. ويرد ذلك الشرط المتقدم. ولو عبر بقوله والسنة وغيرهما لاستغنى عن التأويل المذكور.
فرع: يحصل من الاجر بالصلاة على الميت المسبوقة بالحضور معه قيراط، ويحصل منه والحضور معه إلى تمام الدفن لا للمواراة فقط قيراطان لخبر الصحيحين: من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط من شهدها حتى تدفن وفي رواية البخاري: حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين. ولمسلم: أصغرهما مثل أحد، وعلى ذلك تحمل رواية مسلم: حتى يوضع في اللحد. وهل ذلك بقيراط الصلاة أو بدونه فيكون ثلاثة قراريط؟ فيه احتمال، لكن في صحيح البخاري في كتب الايمان التصريح بالأول، ويشهد للثاني ما رواه الطبراني مرفوعا: من شيع جنازة حتى يقضى دفنها كتب له ثلاثة قراريط. وبما تقرر علم أنه لو صلي عليه ثم حضر وحده ومكث حين دفن لم يحصل له القيراط الثاني كما صرح به في المجموع وغيره لكن له أجر في الجملة، ولو تعددت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة، هل يتعدد القيراط بتعددها أو لا نظرا لاتحاد الصلاة؟ قال الأذرعي: الظاهر التعدد،
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532