في مجمرة أو غيرها لما فيه من التفاؤل القبيح، ولخبر أبي داود: لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار. وقال الشيخ نصر:
لا يجوز أن يحمل معها المجامر والنار، فإن أراد التحريم فشاذ، فقد نقل ابن المنذر الاجماع على الكراهة، وفعل ذلك عند القبر مكروه أيضا كما في المجموع. (ولو اختلط) من يصلى عليه بغيره ولم يتميز، كما لو اختلط (مسلمون) أو واحد منهم (بكفار) وتعذر التمييز، أو غير شهيد بشهيد، أو سقط يصلى عليه بسقط لا يصلى عليه، (وجب) للخروج عن الواجب، (غسل الجميع) وتكفينهم (والصلاة) عليهم ودفنهم، إذ لا يتم الواجب إلا بذلك. فإن قيل: يعارض ذلك بأن الصلاة على الفريق الآخر محرمة، ولا يتم ترك المحرم إلا بترك الواجب. أجيب بأن الصلاة في الحقيقة ليست على الفريق الآخر كما يعلم من قول المصنف. (فإن شاء صلى على الجميع) دفعة (بقصد المسلمين) منهم في الأولى وغير الشهيد في الثانية، وبقصد السقط الذي يصلى عليه في الثالثة. (وهو الأفضل والمنصوص) لأنه ليس فيه صلاة على غير من لم يصل عليه والنية جازمة. (أو على واحد فواحد ناويا الصلاة عليه إن كان) ممن يصلى عليه، كأن يقول في الأولى إن كان (مسلما)، وفي الثانية إن كان غير شهيد، وفي الثالثة إن كان هو الذي يصلى عليه. (ويقول) في الأولى: (اللهم اغفر له إن كان مسلما) ولا يحتاج إلى ذلك في الثانية ولا الثالثة لانتفاء المحذور وهو الدعاء للكافر بالمغفرة، ويعذر في تردد النية للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس. وهذا التخيير متفق عليه، لكن محله كما قاله بعض المتأخرين ما إذا لم يحصل بالافراد تغير أو انفجار، وإلا فالوجه تعين الجمع بصلاة واحدة. وإن كان التأخير إلى اجتماعهم يؤدي إلى تغير أحدهم تعين إفراد كل بصلاة ويدفنون في المسألة الأولى بين مقابر المسلمين ومقابر الكفار. (ويشترط لصحة الصلاة) على الجنازة زائدا على ما تقدم في فصل صلاتها شرطان، أشار إلى أحدهما بقوله: (تقدم غسله) أو تيممه بشرطه، لأنه المنقول عن النبي (ص)، ولان الصلاة على الميت كصلاة نفسه. (وتكره) الصلاة عليه (قبل تكفينه) كما قاله في زوائد الروضة أيضا واستشكل، لأن المعنيين السابقين موجودان فيه. قال السبكي: فالقول بأن الغسل شرط دون التكفين يحتاج إلى دليل اه. وربما يقال إن ترك الستر أخف من ترك الطهارة بدليل لزوم القضاء في الثاني دون الأول. (فلو مات بهدم ونحوه) كأن وقع في بئر أو بحر عميق (وتعذر إخراجه وغسله) وتيممه، (لم يصل عليه) لفوات الشرط كما نقله الشيخان عن المتولي وأقراه، وقال في المجموع: لا خلاف فيه. قال بعض المتأخرين: ولا وجه لترك الصلاة عليه، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، لما صح: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولان المقصود من هذه الصلاة الدعاء والشفاعة للميت. وجزم الدارمي وغيره أن من تعذر غسله صلي عليه، قال الدارمي: وإلا لزم أن من أحرق فصار رمادا أو أكله سبع لم يصل عليه، ولا أعلم أحدا من أصحابنا قال بذلك. وبسط الأذرعي الكلام في المسألة. والقلب إلى ما قاله بعض المتأخرين أميل، لكن الذي تلقيناه عن مشايخنا ما في المتن. ثم أشار إلى الشرط الثاني بقوله: ويشترط أن لا يتقدم على الجنازة الحاضرة) إذا صلى عليها، (و) أن (لا) يتقدم على (القبر) إذا صلى عليه، (على المذهب فيهما) اتباعا لما جرى عليه الأولون، ولان الميت كالامام. والثاني: يجوز التقدم عليهما، لأن الميت ليس بإمام متبوع حتى يتعين تقديمه بل هو كعبد جاء معه جماعة يستغفرون له عند مولاه. واحترز بالحاضرة عن الغائبة عن البلد، فإنه يصلى عليها كما مر وإن كانت خلف ظهره.
تنبيه: إنما عبر بالمذهب، لأن في المسألة على ما تلخص من كلامه طريقين أصحهما أنها على القولين في تقدم المأموم على إمامه، والثاني: القطع بالجواز. ويشترط أيضا أن يجمعهما مكان واحد كما قاله الأذرعي، وأن لا يزيد