لغير القبلة) فيجب نبشه ما لم يتغير، ويوجه للقبلة استدراكا للواجب، فإن تغير لم ينبش. (لا للتكفين في الأصح) لأن غرض التكفين الستر، وقد حصل بالتراب مع ما في النبش من الهتك. والثاني: ينبش قياسا على الغسل بجامع الوجوب.
تنبيه: قد مر أن صور النبش لا تنحصر فيما قاله، وقد ذكرت صورا زيادة عليه كما علم، وبقي صور أخر: منها ما لو دفنت امرأة في بطنها جنين ترجى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر، نبشت وشق جوفها وأخرج تداركا للواجب، لأنه يجب شق جوفها قبل الدفن، وإن لم ترج حياته لم تنبش، فإن لم تكن دفنت تركت حتى يموت ثم تدفن. وقول التنبيه ترك عليه شئ حتى يموت وجه ضعيف نبهت عليه في شرحه. ومنها ما لو بشر بمولود، فقال:] إن كان ذكرا فعبدي حر أو أنثى فأمتي حرة، فمات المولود ودفن ولم يعلم حاله، فينبش ليعتق من يستحق العتق. ومنها ما لو قال: إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة أو أنثى فطلقتين، فولدت ميتا فدفن وجهل حاله، فالأصح من زوائد الروضة في الطلاق نبشه. ومنها ما لو ادعى شخص على ميت بعدما دفن أنه امرأته وطلب الإرث، وادعت امرأة أنه زوجها وطلبت الإرث وأقام كل بينة، فينبش، فلو نبش فبان خنثى تعارضت البينة على الأصح وتوقف الميراث، وقال العبادي في الطبقات: إنه يقسم بينهما، ومنها: أن يلحقه سيل أو نداوة فينبش لينقل على الأصح في المجموع، ومنها ما لو قال: إن رزقني الله ولدا ذكرا فلله علي كذا ودفن قبل أن يعلم حاله، فينبش لقطع النزاع. ومنها ما لو شهدا على شخصه ثم دفن واشتدت الحاجة ولم تتغير الصورة فينبش ليعرف، ذكره الغزالي في الشهادات، وسيأتي ما فيه. ومنها ما لو اختلفت الورثة في أن المدفون ذكر أم أنثى ليعلم كل من الورثة قدر حصته، وتظهر ثمرة ذلك في المناسخات وغيرها. ومنها ما إذا تداعيا مولودا ودفن فإنه ينبش ليلحقه القائف بأحد المتداعيين. ومنها ما لو دفن الكافر في الحرم فينبش ويخرج، أما بعد البلى عند أهل الخبرة فلا يحرم نبشه، بل يحرم عمارته وتسوية التراب عليه إذا كان في مقبرة مسبلة لئلا يمتنع الناس من الدفن فيه لظنهم بذلك عدم البلى.
قال الموفق حمزة الحمودي في مشكل الوسيط: أن يكون المدفون صحابيا أو من اشتهرت ولايته فلا يجوز نبشه عند الانمحاق.
قال ابن شهبة: وقد يؤيده ما ذكره الشيخان في الوصايا أنه تجوز الوصية لعمارة قبور الأنبياء والصالحين لما فيه من إحياء الزيارة والتبرك، فإن قضيته جواز عمارة قبور الصالحين، مع جزمهما هنا بأنه إذا بلي الميت لم تجز عمارة قبره وتسوية التراب عليه في المقبرة المسبلة. (ويسن أن يقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبيت) لأنه (ص) كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل رواه البزار، وقال الحاكم: إنه صحيح الاسناد. وروى مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال: إذا دفنتموني فأقيموا بعد ذلك حول قبري ساعة قد ما تنحر جزور ويفرق لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع رسل ربي. ويسن تلقين الميت المكلف بعد الدفن، فيقال له:
يا عبد الله ابن أمة الله أذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا. لحديث ورد فيه. قال في الروضة:
والحديث إن كان ضعيفا لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة، ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، وقد قال تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) *، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة، ويقعد الملقن عند رأس القبر. أما غير المكلف، وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدم له تكليف، فلا يسن تلقينه، لأنه لا يفتن في قبره. (و) يسن (لجيران أهله) ولأقاربه الأباعد وإن كان الأهل بغير بلد الميت، (تهيئة طعام يشبعهم) أي أهله الأقارب، (يومهم وليلتهم) لقوله (ص) لما جاء خبر قتل جعفر: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم