مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٥٨
بالموت. فإن قصد الاعلام بموته لمن لم يعلم لم يكره، وإن قصد به الاخبار لكثرة المصلين عليه فهو مستحب. (ولا ينظر الغاسل من بدنه إلا قدر الحاجة من غير العورة) كأن يريد بنظره معرفة المغسول من غيره، وهل استوعبه بالغسل أو لا.
فإن نظر زائدا على الحاجة كره كما في زيادة الروضة وجزم به في الكفاية، وإن صحح في المجموع أنه خلاف الأولى، لأنه قد يكون فيه شئ كان يكره اطلاع الناس عليه وربما رأى سوادا ونحوه فيظنه عذابا فيسئ به ظنا. أما العورة فنظرها حرام، ويسن أن لا يمسه بيده فإن مسه أو نظر إليه بغير شهوة لم يحرم، وقيل: يحرم النظر إلى شئ من بدنه لأنه صار عورة كبدن المرأة إلا لضرورة. وأما غير الغاسل من معين وغيره فيكره له النظر إلى غير العورة إلا لضرورة. (ومن تعذر غسله) لفقد الماء أو لغيره كأن احترق أو لدغ، ولو غسل لتهرى أو خيف على الغاسل ولم يمكنه التحفظ، (يمم) وجوبا قياسا على غسل الجنابة، ولا يغسل محافظة على جثته لتدفن بحالها. ولو وجد الماء فيما إذ يمم لفقده قبل دفنه وجب غسله، وتقدم الكلام على ذلك وعلى إعادة الصلاة في باب التيمم. ولو كان به قروح وخيف من غسله تسارع البلى إليه بعد دفنه غسل لأن مصير جميعه إلى البلى. (ويغسل الجنب والحائض) والنفساء (والميت بلا كراهة) لأنهما طاهران كغيرهما، (وإذا ماتا غسلا غسلا واحدا فقط) لأن الغسل الذي كان عليهما انقطع بالموت كما تقدم في الشهيد الجنب وانفراد الحسن البصري بإيجاب غسلين. (وليكن الغاسل أمينا) ندبا ليوثق به في تكميل الغسل وغيره من المشروع، وكذا معين الغاسل. فإن غسله فاسق أو كافر وقع الموقع، ويجب أن يكون عالما بما لا بد منه في الغسل. (فإن رأى) الغاسل من بدن الميت (خيرا) كاستنارة وجهه وطيب رائحته (ذكره) ندبا ليكون أدعى لكثرة المصلين عليه والدعاء له، (أو غيره) كأن رأى سوادا أو تغير رائحة أو انقلاب صورة، (حرم ذكره) لأنه غيبة لمن لا يتأتى الاستحلال منه، وفي صحيح مسلم: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، وفي سنن أبي داود والترمذي: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم، وفي المستدرك: من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين مرة. (إلا لمصلحة) كأن كان مبتدعا مظهرا لبدعته فيذكر ذلك لينزجر الناس عنها. وهذا الاستثناء ذكره في البيان بحثا، ونقله عنه في المجموع وقال إنه متعين. وينبغي اطراده في المتجاهر بالفسق والظالم، والوجه كما قال الأذرعي: أن يقال إذا رأى من مبتدع أمارة خير كتمها، ولا يبعد إيجابه لئلا يجمل الناس على الاغراء بها. ويسن كتمانه من المتجاهر بالفسق والظالم لئلا يغتر بذكرها أمثاله، ولا معنى للتفصيل في القسم الثاني دون الأول. قال الغزي: وينبغي أن يكون قول الكتاب إلا لمصلحة عائدا للامرين اه‍، ولا بأس.
غريبة: حكي أن امرأة بالمدينة في زمن مالك غسلت امرأة فالتصقت يدها على فرجها، فتحير الناس في أمرها هل تقطع يد الغاسلة أو فرج الميتة؟ فاستفتي مالك في ذلك فقال: سلوها ما قالت لما وضعت يدها عليها؟ فسألوها فقالت: قلت طالما عصى هذا الفرج ربه فقال مالك: هذا قذف اجلدوها ثمانين تتخلص يدها فجلدوها ذلك فخلصت يدها. فمن ثم قيل لا يفتى ومالك بالمدينة. (ولو تنازع أخوان) مثلا (أو زوجان) في غسل ميت لهما، ولا مرجح لأحدهما. (أقرع) بينهما حتما، فمن خرجت قرعته غسله، لأن تقديم أحدهما ترجيح بلا مرجح. (والكافر أحق بقريبه الكافر) في تجهيزه من قريبه المسلم لأنه وليه، ولقوله تعالى: * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) *، فإن لم يكن تولاه المسلم. (ويكره) للمرأة (الكفن المعصفر) والمزعفر لما في ذلك من الزينة. وأما الرجل فقد مر في باب اللباس أنه يحرم على الرجل المزعفر دون المعصفر على خلاف في ذلك. وحينئذ فإطلاق كلام المصنف كراهة المعصفر للرجال والنساء صحيح، وأما المزعفر فإنه
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532