بخلاف ما إذا مات بعد مدة، سواء اندملت جراحته أم لا. ويستثنى من الشعر الشعرة الواحدة فلا تغسل ولا يصلى عليها لأنها لا حرمة لها كما نقله في أصل الروضة عن صاحب العدة وأقره، وإن قال بعض المتأخرين: الأوجه أنها كغيرها.
ويجب مواراة ذلك الجزء بخرقة وإن كان من غير العورة، ولو قلنا الواجب ستر العورة فقط، لأن ستر جميع البدن حق للميت كما مر. فمن قال: إنما يجب ستره إذا كان من العورة، غفلة منه بل القائل بأنه يقتصر على ستر العورة إنما يقول به إذا أوصى بستر العورة فقط، وهنا لم يوص بذلك مع أنا قدمنا أن وصيته بذلك لا تنفذ، ويجب دفنه بعد الصلاة عليه لما مر أنه كالميت الحاضر. أما ما انفصل من حي أو شككنا في موته كيد سارق وظفر وشعر وعلقة ودم فصد ونحوه فيسن دفنه إكراما لصاحبها. ويسن لف اليد ونحوها بخرقة أيضا كما صرح به المتولي. قال السبكي: وظاهر كلامهم كالصريح في وجوب هذه الصلاة، قال: وهو ظاهر إذا لم يصل على الميت وإلا فهل نقول يجب حرمة له كالجملة أو لا؟ فيه احتمال يعرف من كلامهم في النية اه. وقضيته أنها لا تجب، وهو ظاهر إن كان قد صلي عليه بعد غسل العضو وإلا فتجب لزوال الضرورة المجوزة للصلاة عليه بدون غسل العضو بوجداننا له، وعليه يحمل قول الكافي لو قطع رأس إنسان ببلد وحمل إلى بلد آخر صلى عليه حيث هو وعلى الجثة حيث هي، ولا يكتفى بالصلاة على أحدهما. ولو جهل كون العضو من مسلم صلي عليه أيضا إن كان في دار الاسلام كما لو وجد فيها ميت جهل إسلامه. (والسقط) بتثليث السين من السقوط، (إن) علمت حياته بأن (استهل) أي صاح، (أو بكى) وهو مشتق من البكاء، وهو بالقصر الدمع، وبالمد رفع الصوت. فإذا مات بعد ذلك فحكمه (ككبير) فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن لتيقن موته بعد حياته، (وإلا) أي وإن لم يستهل أو لم يبك (فإن ظهرت أمارة الحياة كاختلاج) أو تحرك (صلي عليه في الأظهر) لاحتمال الحياة بهذه القرينة الدالة عليها وللاحتياط. والثاني: لا، لعدم تيقنها، وقطع في المجموع بالأول. ويجب دفنه قطعا وكذا غسله، وقيل فيه القولان. (وإن لم تظهر) أمارة الحياة (ولم يبلغ أربعة أشهر) أي لم يظهر خلقه، (لم يصل عليه) قطعا لعدم الامارة، ولا يغسل على المذهب بل يسن ستره بخرقة ودفنه. (وكذا إن بلغها) أي أربعة أشهر، أي مائة وعشرين يوما حد نفخ الروح فيه عادة، أي وظهر خلقه، لا يصلى عليه وجوبا ولا جوازا، (في الأظهر) لعدم ظهور حياته، ويجب غسله وتكفينه ودفنه. وفارق الصلاة غيرها بأنه أوسع بابا منها بدليل أن الذمي يغسل ويكفن ويدفن ولا يصلى عليه، فالعبرة فيما ذكر بظهور خلق الآدمي وعدم ظهوره كما تقرر، فالتعبير ببلوغ أربعة أشهر وعدم بلوغها جرى على الغالب من ظهور خلق الآدمي عندها، وعبر عنه بعضهم بزمن إمكان نفخ الروح وعدمه وبعضهم بالتخطيط وعدمه، وكلها وإن تقاربت فالعبرة بما ذكر.
فائدة: السقط هو الذي لم يبلغ تمام أشهره، أما من بلغها فيصلى عليه مطلقا كما أفتى به شيخي وفعله. (ولا يغسل الشهيد ولا يصلى عليه) أي يحرمان لأنه حي بنص القرآن، ولما روى البخاري عن جابر: أن النبي (ص) أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: جاءت الأحاديث من وجوه متواترة أنه لم يصل عليهم، وأما حديث: أنه صلى عليهم عشرة عشرة، وفي كل عشرة حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة فضعيف وخطأ، قال الشافعي: ينبغي لمن رواه أن يستحيي على نفسه اه. وما في الصحيحين من] أنه (ص) خرج فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت، وللبخاري بعد ثمان سنين: كالمودع للاحياء وللأموات فالمراد أنه دعا لهم كالدعاء للميت كقوله تعالى: * (وصل عليهم) * أي ادع لهم، والاجماع يدل على هذا، لأن عندنا لا يصلى على الشهيد، وعند المخالف وهو أبو حنيفة لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام. والحكمة في ذلك إبقاء أثر