بإسناد صحيح، والثاني: تسنيمه أولى لأن التسطيح شعار الروافض فيترك مخالفة لهم وصيانة للميت وأهله عن الاتهام ببدعة.
ورد هذا بأن السنة لا تترك لموافقة أهل البدع فيها، إذ لو روعي ذلك لأدى إلى ترك سنن كثيرة. (ولا يدفن اثنان في قبر) ابتداء، بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، ذكره في المجموع وقال إنه صحيح. وعبارة الروضة: المستحب في حالة الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر اه. فلو جمع اثنان في قبر واتحد الجنس كرجلين وامرأتين كره عند الماوردي وحرم عند السرخسي، ونقله المصنف عنه في مجموعه مقتصرا عليه وعقبه بقوله: وعبارة الأكثرين ولا يدفن اثنان في قبر قال السبكي: لكن الأصح الكراهة أو نفى الاستحباب. أما التحريم فلا دليل عليه اه وسيأتي ما يقوى التحريم. (إلا لضرورة) كأن كثروا وعسر إفراد كل ميت بقبر فيجمع بين الاثنين والثلاثة والأكثر في قبر بحسب الضرورة، وكذا في ثوب، وذلك للاتباع في قتلى أحد، رواه البخاري. (فيقدم) حينئذ (أفضلهما) وهو الأحق بالإمامة إلى جدار القبر القبلي لأنه (ص) كان يسأل في قتلى أحد عن أكثرهم قرآنا فيقدمه إلى اللحد، لكن لا يقدم فرع على أصله من جنسه وإن علا حتى يقدم الجد ولو من قبل الام وكذا الجدة، قاله الأسنوي، فيقدم الأب على الابن وإن كان أفضل منه لحرمة الأبوة، وتقدم الام على البنت وإن كانت أفضل منها، أما الابن مع الام فيقدم لفضيلة الذكورة. ويقدم الرجل على الصبي والصبي على الخنثى والخنثى على المرأة. ولا يجمع رجل وامرأة في قبر إلا لضرورة، فيحرم عند عدمها كما في الحياة. قال ابن الصلاح: ومحله إذا لم يكن بينهما محرمية أو زوجية وإلا فيجوز الجمع، قال الأسنوي: وهو متجه. والذي في المجموع أنه لا فرق، فقال: إنه حرام حتى في الام مع ولدها، وهذا كما قال شيخي هو الظاهر، إذ العلة في منع الجمع الايذاء لأن الشهوة قد انقطعت فلا فرق بين المحرم وغيره ولا بين أن يكونا من جنس واحد أو لا. والخنثى مع الخنثى أو غيره كالأنثى مع الذكر والصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم. ويحجز بين الميتين بتراب حيث جمع بينهما ندبا كما جزم به ابن المقري في شرح إرشاده، ولو اتحد الجنس. أما نبش القبر بعد دفن الميت لدفن ثان فيه، أي في لحده، فلا يجوز ما لم يبل الأول ويصر ترابا. وأما إذا جعل في القبر في لحد آخر من جانب القبر الآخر من غير أن يظهر من الميت الأول شئ كما يفعل الآن كثيرا فالظاهر عدم الحرمة، ولم أر من ذكر ذلك. (ولا يجلس على القبر) المحترم ولا يتكأ عليه ولا يستند إليه. (ولا يوطأ) عليه إلا لضرورة، كأن لا يصل إلى ميته أو من يزوره وإن كان أجنبيا كما بحثه الأذرعي، أو لا يتمكن من الحفر إلا بوطئه لصحة النهي عن ذلك. والمشهور في ذلك الكراهة هو المجزوم به في الروضة وأصلها، وأما ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال:
لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ففسر فيه الجلوس بالحدث وهو حرام بالاجماع، وجرى المصنف في شرح مسلم وفي رياض الصالحين على الحرمة أخذا بظاهر الحديث، والمعتمد الكراهة. وأما غير المحترم كقبر حربي ومرتد وزنديق فلا يكره ذلك، وإذا مضت مدة يتيقن أنه لم يبق من الميت في القبر شئ فلا بأس بالانتفاع به.
ولا يكره المشي بين المقابر بالنعل على المشهور لقوله (ص): إنه ليسمع خفق نعالهم، وما ورد من الامر بإلقاء السبتيتين في أبي داود والنسائي بإسناد حسن يحتمل أن يكون لأنه من لباس المترفهين، أو أنه كان فيهما نجاسة. والنعال السبتية بكسر السين: المدبوغة بالقرظ. (ويقرب زائره) منه (كقربه منه) في زيارته له، (حيا) أي ينبغي له ذلك كما في الروضة كأصلها احتراما له. نعم لو كان عادته منه البعد وقد أوصى بالقرب منه قرب منه لأنه حقه كما لو أذن له في الحياة، قاله الزركشي.
وأما من كان يهاب في حال حياته لكونه جبارا كالولاة الظلمة فلا عبرة بذلك. (والتعزية) لأهل الميت صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، (سنة) في الجملة مؤكدة، لما رواه ابن ماجة والبيهقي بإسناد حسن: ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. نعم الشابة لا يعزيها أجنبي وإنما يعزيها محارمها وزوجها، وكذا من ألحق بهم في جواز النظر كما بحثه شيخنا وابن حيران بأنه يستحب التعزية بالمملوك، بل قال الزركشي: يستحب أن