أولا؟ الأقرب نعم إلا أن يكون بينهما محرمية. وأما العبد فهو أحق بدفنه من الأجانب حتما. والوالي لا يقدم هنا على القريب قطعا. (ويكونون) أي المدخلون للميت القبر، (وترا) ندبا واحد فأكثر بحسب الحاجة كما فعل برسول الله (ص)، فقد روى ابن حبان أن الدافنين له كانوا ثلاثة وأبو داود أنهم كانوا خمسة. (ويوضع في اللحد) أو غيره (على يمينه) ندبا اتباعا للسلف والخلف، وكما في الاضطجاع عند النوم. ويوجه (للقبلة) وجوبا تنزيلا له منزلة المصلي، ولئلا يتوهم أنه غير مسلم كما يعلم مما سيأتي. فلو وجه لغيرها نبش ووجه للقبلة وجوبا إن لم يتغير وإلا فلا ينبش، أولها على يساره كره ولم ينبش، وهو مراد المصنف في مجموعه بقوله: إنه خلاف الأفضل. ويؤخذ من قولهم إنه كالمصلي أن الكافر لا يجب علينا أن نستقبل به القبلة، وهو كذلك، بل يجوز استقباله واستدباره. نعم لو ماتت ذمية في بطنها جنين مسلم جعل ظهرها إلى القبلة وجوبا ليتوجه الجنين إلى القبلة إذا كان يجب دفن الجنين لو كان منفصلا، لأن وجه الجنين على ما ذكروا لظهر الام. وتدفن هذه المرأة بين مقابر المسلمين والكفار، وقيل: في مقابر المسلمين، وقيل: في مقابر الكفار.
تنبيه: لو حذف المصنف لفظة في اللحد كان أولى ليشمل ما قدرته. وظاهر كلام التسوية بين الوضع على اليمين والاستقبال، والمعتمد فيهما ما تقرر. (ويسند وجهه) ندبا، وكذا رجلاه (إلى جداره) أي القبر، ويجعل في باقي بدنه كالتجافي فيكون كالقوس لئلا ينكب. (و) يسند (ظهره بلبنة ونحوها) كطين ليمنعه من الاستلقاء على قفاه، ويجعل تحت رأسه لبنة أو حجر ويفضي بخده الأيمن إليه، أو إلى التراب. قال في المجموع: بأن ينحى الكفن عن خده ويوضع على التراب.
(ويسد فتح اللحد) بفتح الفاء وسكون التاء المثناة الفوقية وكذا غيره، (بلبن) وهو طوب لم يحرق ونحوه كطين، لقول سعد فيما مر: وانصبوا علي اللبن نصبا، ولان ذلك أبلغ في صيانة الميت عن النبش. ونقل المصنف في شرح مسلم أن اللبنات التي وضعت في قبره (ص) تسع. (ويحثو) ندبا بيديه جميعا، (من دنا) من القبر (ثلاث حثيات تراب) من تراب القبر، ويكون الحثي من قبل رأس الميت لأنه (ص) حثا من قبل رأس الميت ثلاثا رواه البيهقي وغيره بإسناد جيد، ولما فيه من المشاركة في هذا الفرض، يقال: حثى يحثي حثيا وحثيات وحثا يحثو حثوا وحثوات، والأول أفصح. ويندب أن يقول مع الأولى: * (منها خلقناكم) * ومع الثانية * (وفيها نعيدكم) * ومع الثالثة: * (ومنها نخرجكم تارة أخرى) *. ولم يبين الدنو وكأنه راجع إلى العرف. وعبارة الشافعي في الام: من على شفير القبر، وعبارة الروضة: وأصلها كل من دنا. وقال في الكفاية:
إنه يستحب ذلك لكل من حضر الدفن، وهو شامل للبعيد أيضا. وهو كما قال الولي العراقي ظاهر. (ثم يهال) من الإهالة وهي الصب: أي يصب التراب على الميت. (بالمساحي) لأنه أسرع إلى تكميل الدفن. والمساحي بفتح الميم جمع مسحاة بكسرها، وهي آلة تمسح الأرض بها ولا تكون إلا من حديد بخلاف المجوفة، قاله الجوهري. والميم زائدة لأنها مأخوذة من السحف أو الكشف، وظاهر أن المراد هنا هي أو ما في معناها. وإنما كانت الإهالة بعد الحثي لأنه أبعد عن وقوع اللبنات وعن تأذي الحاضرين بالغبار. (ويرفع) ندبا (القبر شبرا) تقريبا ليعرف فيزار ويحترم، ولان قبره (ص) رفع نحو شبر، رواه ابن حبان في صحيحه. (فقط) فلا يزاد على تراب القبر لئلا يعظم شخصه. وإن لم يرتفع بترابه شبرا فالأوجه كما قال شيخنا أن يزاد، هذا إذا كان بدارنا. أما لو مات مسلم بدار الكفار فلا يرفع قبره بل يخفى لئلا يتعرض له الكفار إذا رجع المسلمون، قاله المتولي وأقراه. وكذا إذا كان بموضع يخاف نبشه لسرقة كفنه أو لعداوة أو نحوها كما قاله الأسنوي، وألحق الأذرعي بذلك أيضا ما لو مات ببلد بدعة وخشي عليه من نبشه وهتكه والتمثيل به كما صنعوا ببعض الصلحاء وأحرقوه. (والصحيح) المنصوص (أن تسطيحه أولى من تسنيمه) كما فعل بقبره (ص) وقبري صاحبيه رضي الله تعالى عنهما، رواه أبو داود