مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
إن تغيب أياما) يسكن فيها غيظ المستحق بخلاف ما لا يقبله كحد الزنا، وكذا ما يقبل إذا لم يرج الترك لو تغيب، وقد خرج ذلك بقوله: يرجى تركها. واستشكل الإمام جواز التغيب لمن عليه قصاص، فإن موجبه كبيرة والتخفيف ينافيه. وأجاب بأن العفو مندوب إليه والتغيب طريقه، قال الأذرعي: والاشكال أقوى.
تنبيه: قال بعضهم: يستفاد من تقييد الشيخين رجاء العفو بتغيبه أياما أن القصاص لو كان لصبي لم يجز التغيب لأن العفو إنما يكون بعد البلوغ، فيؤدي إلى أن يترك الجمعة سنين. وقال الأذرعي: قولهما أيام لم أره إلا في كلامهما، والشافعي والأصحاب أطلقوا، ويظهر الضبط بأنه ما دام يرجو العفو يجوز له التغيب، فإن يئس أو غلب على ظنه عدم العفو حرم التغيب اه‍. وهذا هو الظاهر، ولذلك ترك ابن المقري هذا التقييد. (وعري) وإن وجد ما يستر عورته لأن عليه مشقة في خروجه بغير لباس يليق به، كذا علله في المجموع. ويؤخذ منه أن من اعتاد الخروج مع ستر العورة فقط أنه لا يكون معذورا عند فقد الزائد عليه وهو كذلك، وأن من وجد ما لا يليق به كالقباء للفقيه كالمعدوم، قال في المهمات: وبه صرح بعضهم. (وتأهب لسفر) مباح يريده (مع رفقة ترحل) ويخاف من التخلف للجماعة على نفسه أو ماله أو يستوحش فقط للمشقة في التخلف عنهم، (وأكل ذي ريح كريه) كبصل أو فجل أو ثوم أو كراث نئ، لخبر الصحيحين: من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن مسجدنا وفي رواية المساجد، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، زاد البخاري. قال جابر: ما أراه إلا نيئة، وزاد الطبراني: أو فجلا. هذا إن تعسر زوال ريحه بغسل ومعالجة بخلاف ما إذا لم يتعسر، أما المطبوخ فلا يعذر به كما صرح به في المحرر لزوال ريحه. وكأن المصنف استغنى عن التصريح به بقوله كريه ولو ذكره لكان أوضح وأحسن إذ لا بد فيه من رائحة كريهة لكنها اغتفرت لقلتها. ويؤخذ مما ذكر أنه يعذر بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى، قاله في المهمات. وتوقف في الجذام والبرص، والمتجه كما قال الزركشي أنه يعذر بهما لأن التأذي بهما أشد منه بأكل الثوم ونحوه، قال: وقد نقل القاضي عياض عن العلماء أن المجذوم والأبرص يمنعان من المسجد ومن صلاة الجماعة ومن اختلاطهما بالناس ودخول المسجد للذي أكل ما سبق مكروه كما في آخر شروط الصلاة من الروضة، خلافا لما صرح به ابن المنذر وأشار إليه غيره من التحريم. وصرح ابن حبان في صحيحه بأن المعذور بأكل هذه الأشياء للتداوي يعذر في الحضور، وإطلاق الحديث: وكلام الأصحاب يقتضي أنه لا فرق بين المعذور وغيره، والمعنى وهو التأذي يدل عليه وهذا هو الظاهر. (وحضور) نحو (قريب) كزوجة ورقيق وصديق وصهر (محتضر) أي حضره الموت وإن كان له متعهد، لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه ترك الجمعة وحضر عند قريبه سعيد بن زيد أحد العشرة لما أخبر أن الموت قد نزل به، ولأنه يتألم بغيبته عنه أكثر مما يتألم بذهاب المال. وألحق المحب الطبري بمن ذكر الأستاذ، وقال الأسنوي: ويتجه إلى إلحاق العتيق والمعتق بهم أيضا. (أو) حضور (مريض بلا متعهد) له لئلا يضيع، سواء أكان قريبا أم أجنبيا إذا خاف هلاكه إن غاب عنه، وكذا لو خاف عليه ضررا ظاهرا على الأصح. (أو يأنس) القريب أو نحوه كما في المحرر، (به) وإن اقتضت عبارته أن الانس عذر في القريب والأجنبي، ولو قال: وحضور قريب محتضر أو كان يأنس به أو مريض بلا متعهد لكان أولى. وقال الشارح: إن قوله أو مريض عطف على محتضر فيفوت الأجنبي الذي لا متعهد له مع أنه يعذر لأجله، ولو كان المتعهد مشتغلا بشراء الأدوية مثلا عن الخدمة، فكما لو لم يكن متعهد.
تتمة: بقي من الاعذار السمن المفرط كما ذكره ابن حبان في صحيحه وروى فيه خبرا، وكونه منها كما نقل عن الذخائر، وزفاف زوجة في الصلوات الليلية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في القسم، وغلبة النعاس والنوم إن انتظر الجماعة، والبحث عن ضالة يرجوها، والسعي في استرداد مغصوب له أو لغيره. قال الأسنوي: وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذارا لمن لا يتأتى له إقامة الجماعة في بيته وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل، وإن قلنا إنها سنة. قال في المجموع ومعنى كونها أعذارا سقوط الاثم على قول الفرض، والكراهة على قول السنة، لا حصول فضلها. ويوافقه جواب الجمهور
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532