مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
جنس هذه الصلاة مع جنس الأخرى من غير نظر إلى عدد مخصوص كما يؤخذ مما مر. (لكن الأصح تفضيل الراتبة) للفرائض (على التراويح) لمواظبته (ص) على الراتبة لا التراويح كما قاله الرافعي، والثاني: تفضيل التراويح على الراتبة لسن الجماعة فيها. ومحل الخلاف إذا قلنا تسن الجماعة في التراويح وإلا فالراتبة أفضل منها قطعا، وأفضل هذا القسم العيدان، وقضية كلامهم تساوي العيدين في الفضيلة، وبه صرح ابن المقري في شرح إرشاده، وعن ابن عبد السلام أن عيد الفطر أفضل، وكأنه أخذه من تفضيلهم تكبيره على تكبير الأضحى. وعن بعض السلف: أن من صلى عيد الفطر فكأنما حج، ومن صلى عيد الأضحى فكأنما اعتمر. قال في الخادم: لكن الأرجح في النظر ترجيح عيد الأضحى لأنه في شهر حرام وفيه نسكان: الحج والأضحية، وقيل إن عشره أفضل من العشر الأخير من رمضان اه‍. وروي:
إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر رواه أبو داود، فصلاته أفضل من صلاة الفطر وتكبير الفطر أفضل من تكبيره.
ثم بعد العيدين في الفضيلة كسوف الشمس ثم خسوف القمر ثم الاستسقاء ثم التراويح. وقد اتفقوا على سنيتها وعلى أنها المراد من قوله (ص): من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر رواه البخاري. وقوله:
إيمانا أي تصديقا بأنه حق معتقدا فضيلته، واحتسابا أي إخلاصا. والمعروف أن الغفران مختص بالصغائر. واختلفوا في أن الأفضل صلاتها منفردا أو في جماعة، ولذلك قال المصنف: (و) الأصح (أن الجماعة تسن في التراويح) لخبر الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنه (ص) صلاها ليالي فصلوها معه ثم تأخر وصلاها في بيته باقي الشهر وقال: خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها. وروى ابنا خزيمة وحبان عن جابر قال: صلى بنا رسول الله (ص) في رمضان ثمان ركعات ثم أوتر، فلما كانت الليلة القابلة اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج إلينا حتى أصبحنا الحديث. وكان جابر إنما حضر في الليلة الثالثة والرابعة. ولان عمر جمع الناس على قيام شهر رمضان:
الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة، رواه البيهقي. وكان وقد انقطع الناس عن فعلها جماعة في المسجد إلى زمن عمر رضي الله تعالى عنه. وإنما صلاها (ص) بعد ذلك فرادى خشية الافتراض كما مر، وقد زال ذلك المعنى. فإن قيل: كيف يقول (ص): خشيت أن تفرض عليكم مع قوله في حديث الاسراء: هن خمس وهن خمسون - لا يبدل القول لدي - فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ أجيب باحتمال أن يكون المخوف افتراض قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة شرطا في صحة التنفل بالليل، ويومئ إليه قوله في حديث زيد بن ثابت: خشيت أن تكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فمنعهم من التجميع في المسجد إشفاقا عليهم من اشتراطه وأمن مع أذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم. أو يكون المخوف افتراض قيام الليل على الكفاية لا على الأعيان فلا يكون ذلك زائدا على الخمس. أو يكون المخوف افتراض قيام رمضان خاصة لأن ذلك كان في رمضان، وعلى هذا يرتفع الاشكال لأن قيام رمضان لا يتكرر كل يوم في السنة فلا يكون ذلك قدرا زائدا على الخمس وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان، لما روى البيهقي بإسناد صحيح: أنهم كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، وروى مالك في الموطأ: بثلاث وعشرين وجمع البيهقي بينهما بأنهم كانوا يوترون بثلاث، وما روي أنه (ص) صلى بهم عشرين ركعة كما قاله الرافعي ضعفه البيهقي. وسميت كل أربع منها ترويحة لأنهم كانوا يتروحون عقبها: أي يستريحون. قال الحليمي: والسر في كونها عشرين لأن الرواتب - أي المؤكدة - في غير رمضان عشر ركعات فضوعفت لأنه وقت جد وتشمير اه‍. ولأهل المدينة الشريفة فعلها ستا وثلاثين لأن العشرين خمس ترويحات، فكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين سبعة أشواط، فجعل أهل المدينة بدل كل أسبوع ترويحة ليساووهم. قال الشيخان: ولا يجوز ذلك لغيرهم لأن لأهلها شرفا بهجرته وبدفنه (ص)، وهذا هو المعتمد خلافا للحليمي ومن تبعه. وفعلها بالقرآن في جميع الشهر أفضل من تكرير سورة الاخلاص. ووقتها ما بين صلاة العشاء ولو تقديما وطلوع الفجر الثاني. قال في الروضة: ولا تصح بنية
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532