جنس هذه الصلاة مع جنس الأخرى من غير نظر إلى عدد مخصوص كما يؤخذ مما مر. (لكن الأصح تفضيل الراتبة) للفرائض (على التراويح) لمواظبته (ص) على الراتبة لا التراويح كما قاله الرافعي، والثاني: تفضيل التراويح على الراتبة لسن الجماعة فيها. ومحل الخلاف إذا قلنا تسن الجماعة في التراويح وإلا فالراتبة أفضل منها قطعا، وأفضل هذا القسم العيدان، وقضية كلامهم تساوي العيدين في الفضيلة، وبه صرح ابن المقري في شرح إرشاده، وعن ابن عبد السلام أن عيد الفطر أفضل، وكأنه أخذه من تفضيلهم تكبيره على تكبير الأضحى. وعن بعض السلف: أن من صلى عيد الفطر فكأنما حج، ومن صلى عيد الأضحى فكأنما اعتمر. قال في الخادم: لكن الأرجح في النظر ترجيح عيد الأضحى لأنه في شهر حرام وفيه نسكان: الحج والأضحية، وقيل إن عشره أفضل من العشر الأخير من رمضان اه. وروي:
إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر رواه أبو داود، فصلاته أفضل من صلاة الفطر وتكبير الفطر أفضل من تكبيره.
ثم بعد العيدين في الفضيلة كسوف الشمس ثم خسوف القمر ثم الاستسقاء ثم التراويح. وقد اتفقوا على سنيتها وعلى أنها المراد من قوله (ص): من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر رواه البخاري. وقوله:
إيمانا أي تصديقا بأنه حق معتقدا فضيلته، واحتسابا أي إخلاصا. والمعروف أن الغفران مختص بالصغائر. واختلفوا في أن الأفضل صلاتها منفردا أو في جماعة، ولذلك قال المصنف: (و) الأصح (أن الجماعة تسن في التراويح) لخبر الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنه (ص) صلاها ليالي فصلوها معه ثم تأخر وصلاها في بيته باقي الشهر وقال: خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها. وروى ابنا خزيمة وحبان عن جابر قال: صلى بنا رسول الله (ص) في رمضان ثمان ركعات ثم أوتر، فلما كانت الليلة القابلة اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج إلينا حتى أصبحنا الحديث. وكان جابر إنما حضر في الليلة الثالثة والرابعة. ولان عمر جمع الناس على قيام شهر رمضان:
الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة، رواه البيهقي. وكان وقد انقطع الناس عن فعلها جماعة في المسجد إلى زمن عمر رضي الله تعالى عنه. وإنما صلاها (ص) بعد ذلك فرادى خشية الافتراض كما مر، وقد زال ذلك المعنى. فإن قيل: كيف يقول (ص): خشيت أن تفرض عليكم مع قوله في حديث الاسراء: هن خمس وهن خمسون - لا يبدل القول لدي - فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ أجيب باحتمال أن يكون المخوف افتراض قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة شرطا في صحة التنفل بالليل، ويومئ إليه قوله في حديث زيد بن ثابت: خشيت أن تكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فمنعهم من التجميع في المسجد إشفاقا عليهم من اشتراطه وأمن مع أذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم. أو يكون المخوف افتراض قيام الليل على الكفاية لا على الأعيان فلا يكون ذلك زائدا على الخمس. أو يكون المخوف افتراض قيام رمضان خاصة لأن ذلك كان في رمضان، وعلى هذا يرتفع الاشكال لأن قيام رمضان لا يتكرر كل يوم في السنة فلا يكون ذلك قدرا زائدا على الخمس وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان، لما روى البيهقي بإسناد صحيح: أنهم كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، وروى مالك في الموطأ: بثلاث وعشرين وجمع البيهقي بينهما بأنهم كانوا يوترون بثلاث، وما روي أنه (ص) صلى بهم عشرين ركعة كما قاله الرافعي ضعفه البيهقي. وسميت كل أربع منها ترويحة لأنهم كانوا يتروحون عقبها: أي يستريحون. قال الحليمي: والسر في كونها عشرين لأن الرواتب - أي المؤكدة - في غير رمضان عشر ركعات فضوعفت لأنه وقت جد وتشمير اه. ولأهل المدينة الشريفة فعلها ستا وثلاثين لأن العشرين خمس ترويحات، فكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين سبعة أشواط، فجعل أهل المدينة بدل كل أسبوع ترويحة ليساووهم. قال الشيخان: ولا يجوز ذلك لغيرهم لأن لأهلها شرفا بهجرته وبدفنه (ص)، وهذا هو المعتمد خلافا للحليمي ومن تبعه. وفعلها بالقرآن في جميع الشهر أفضل من تكرير سورة الاخلاص. ووقتها ما بين صلاة العشاء ولو تقديما وطلوع الفجر الثاني. قال في الروضة: ولا تصح بنية