إذا اقتصر على صلاة واحدة وإلا فالأفضل له أن يصليها مع هؤلاء ثم يعيدها مع الآخرين. (وليخفف الإمام) ندبا بالصلاة (مع فعل الابعاض والهيئات) أي السنن غير الابعاض لقوله (ص): إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطل ما شاء رواه الشيخان. قال في المجموع نقلا عن الشافعي والأصحاب بأن يخفف القراءة والأذكار بحيث لا يقتصر على الأقل، ولا يستوفي الأكمل المستحب للمنفرد من طوال المفصل وأوساطه وأذكار الركوع والسجود. ويكره التطويل كما نص عليه في الام (إلا أن يرضى بتطويله محصورون) أي لا يصلي وراءه غيرهم وهم أحرار غير أجراء إجارة عين، فيسن له التطويل كما في المجموع عن جماعة، وعليه يحمل ما وقع من فعله (ص) في بعض الأوقات. واستحباب التطويل في هذه الحالة لا يفهم من عبارة المصنف لأنها تصدق باستواء الطرفين، فإن جهل حالهم أو اختلفوا لم يطول، قال ابن الصلاح: إلا إن قل من لم يرض كواحد أو اثنين ونحوهما لمرض ونحوه، فإن كان ذلك مرة أو نحوها خفف، وإن كثر حضوره طول مراعاة لحق الراضين ولا يفوت حقهم لهذا الفرد الملازم، قال في المجموع: وهو حسن متعين. قال الأذرعي تبعا للسبكي: وفيه نظر لتخفيفه (ص) لبكاء الصبي ولانكاره على معاذ التطويل لما شكاه الرجل الواحد. ورد النظر بأن قضية بكاء الصبي وقضية معاذ لم يكثرا فلا ينافي ذلك كلام ابن الصلاح، نبه على ذلك الغزي. أما الأرقاء والاجراء إجارة عين فلا عبرة برضاهم بالتطويل إذ ليس لهم التطويل على قدر صلاتهم منفردين بغير إذن فيه من أرباب الحقوق، نبه على ذلك الأذرعي.
تنبيه: قوله: إلا أن يرضى بتطويله محصورون يفهم أنه متى رضي محصورون وإن كانوا بعض القوم أنه يندب التطويل وليس مرادا، ولذا قلت: لا يصلي وراءه غيرهم. (ويكره التطويل ليلحق آخرون) سواء أكان عادتهم الحضور أم لا، أو رجل شريف كما في المحرر وغيره، للاضرار بالحاضرين ولتقصير المتأخرين. ولان في عدم انتظارهم حثا لهم على المبادرة إلى فضيلة تكبيرة الاحرام. ولا يشكل ذلك بتصريحهم باستحباب تطويل الركعة الأولى على الثانية، لأن ذلك إنما هو في تطويل زائد على هيئات الصلاة، ومعلوم أن تطويل الأولى على الثانية من هيئاتها، فلو لم يدخل الإمام في الصلاة، وقد جاء وقت الدخول وحضر بعض القوم ورجوا زيادة ندب له أن يعجل ولا ينتظرهم لأن الصلاة أول الوقت بجماعة قليلة أفضل منها آخره بجماعة كثيرة، قاله في المجموع. والمراد بآخره بعد الأول لأنه يحصل فضيلة أول الوقت، وقد مرت الإشارة إلى ذلك عند قول المصنف: وما كثر جمعه أفضل، قال: فلو أقيمت الصلاة، قال الماوردي: لم يحل للإمام ان ينتظر من لم يحضر، ولا يختلف المذهب فيه: أي لا يحل حلا مستوى الطرفين، بل يكره كراهة تنزيه، نبه على ذلك شيخي. (ولو أحس في الركوع) غير الثاني من صلاة الخسوف (أو التشهد الأخير بداخل) محل الصلاة يأتم به (لم يكره) له (انتظاره) بل يباح (في الأظهر) من أقوال أربعة ملفقة من طرق ثمانية، (إن لم يبالغ فيه) أي في الانتظار بأن يطوله تطويلا لو وزع على جميع الصلاة لظهر أثره، نقله الرافعي عن الإمام وأقره. (ولم يفرق) بضم الراء، (بين الداخلين) بانتظار بعضهم لصداقة أو شرف أو سيادة أو نحو ذلك دون بعض، بل يسوى بينهم في الانتظار لله تعالى لا للتودد إليهم واستمالة قلوبهم. (قلت: المذهب استحباب انتظاره) بالشروط المذكورة، وهو القول الثاني، (والله أعلم) إعانة لهم على إدراك الركعة في المسألة الأولى وفضل الجماعة في الثانية. والقول الثالث: أنه مكروه، كما لو طول أو فرق والقول. الرابع: أنه مبطل للصلاة مطلقا. (ولا ينتظر في غيرهما) أي الركوع والتشهد الأخير من قيام وغيره. أما إذا أحس بخارج عن محل الصلاة، أو لم يكن انتظاره لله تعالى، أو بالغ في الانتظار، أو فرق بين الداخلين، أو انتظره في غير الركوع والتشهد الأخير، كأن انتظره في الركوع الثاني من صلاة الخوف، فلا يستحب قطعا بل يكره الانتظار في غير الركوع