في الفروع كحنفي على واجبات الطهارة والصلاة عند الشافعي صح اقتداؤه به، وكذا لو شك في إتيانه بها تحسينا للظن به في أنه يراعى الخلاف. ولا يضر عدم اعتقاده الوجوب وإنما ضر في الإمام الموافق لعلم المأموم ببطلانها عندهما.
وقال الحليمي: إن اقتدى بولي الامر أو نائبه صح مع تركه الواجبات عندنا لما في المفارقة من الفتنة، واستحسناه بعد نقلهما عن تصحيح الأكثرين، وقطع جماعة بعدم الصحة وهو المعتمد. وما استحسناه مخالف لنظائره كصحة الجمعة السابقة وإن كان السلطان مع الأخرى. ولو ترك إمامه الحنفي القنوت في صلاة الصبح لاعتقاده عدم سنيته وأمكنه هو أن يقنت ويدركه في السجدة الأولى ندب له أن يقنت، وإلا تابعه وسجد للسهو اعتبارا باعتقاده وله فراقه ليقنت.
وقضية كلام ابن المقري كأصله أنه إذا قنت لا يسجد، وهو مبني على أن العبرة باعتقاد الإمام، والأصح أن العبرة باعتقاد المأموم فيسجد كما لو كان إمامه شافعيا فتركه. ولو ترك شافعي القنوت وخلفه حنفي فسجد الشافعي للسهو تابعه الحنفي، ولو ترك السجود لم يسجد اعتبارا باعتقاده. ولو اقتدى شافعي بمن يرى تطويل الاعتدال فطوله لم يوافقه بل يسجد وينتظره ساجدا كما ينتظره قائما إذا سجد في سجدة ص وإن اقتضى كلام القفال أنه ينتظره في الاعتدال، وكلام شيخنا جواز كل من الامرين. وتقدم الفرق هناك بين مثل ذلك وبين المس، وهو أن ما يبطل عمده وسهوه لا ينتظره فيه، وما أبطل عمده دون سهوه جاز انتظاره، ويأتي مثل هذا في نظيره من الجلوس بين السجدتين. فإن قيل: قصد صرحوا في باب الجمع بين الصلاتين بأنه لو نوى مسافران شافعي وحنفي إقامة أربعة أيام بموضع انقطع بوصولهما سفر الشافعي دون الحنفي وجاز له يكره أن يقتدي به مع اعتقاده بطلان صلاة القاصر في الإقامة؟ أجيب بأن كلامهم هنا في ترك واجب لا يجوزه الشافعي مطلقا، بخلافه ثم فإنه يجوز القصر في الجملة، والمعتمد ما قاله الشيخ أبو حامد وغيره أن صورة ذلك إذا لم يعلم أنه نوى القصر، فإن علم أنه نواه فمقتضى المذهب أنه لا تصح صلاته خلفه كمجتهدين اختلفا في القبلة فصلى أحدهما خلف الآخر.
تنبيه: اعتبار نية المقتدي من زيادة المصنف على المحرر، ولو قال: اعتبارا باعتقاد المقتدي كما قدرته لكان أولى، إذ لا معنى للنية هنا، قال ابن النقيب: إلا أن يراد جزمها وعدمه. (ولا تصح قدوة بمقتد) في حال قدوته لأنه تابع لغيره يلحقه سهوه، ومن شأن الإمام الاستقلال، وأن يتحمل هو سهو غيره فلا يجتمعان، وهذا إجماع، وما في الصحيحين من أن الناس اقتدوا ب أبي بكر خلف النبي (ص) محمول على أنهم كانوا مقتدين به (ص)، وأبو بكر يسمعهم التكبير كما في الصحيحين أيضا. وقد روى البيهقي وغيره: أنه (ص) صلى في مرض وفاته خلف أبي بكر، قال في المجموع:
إن صح هذا كان ذلك مرتين كما أجاب به الشافعي والأصحاب. أما الاقتداء به بعد انقضاء القدوة فسيأتي حكمه في آخر الباب. ولا يمكن توهمه أو ظنه مأموما كأن وجد رجلين يصليان جماعة وتردد في أيهما الإمام، ومحله كما قال الزركشي ما إذا هجم، فإن اجتهد في أيهما الإمام واقتدى بمن غلب على ظنه أنه الإمام، فينبغي أن يصح كما يصلي بالاجتهاد في القبلة والثوب والأواني. وإن اعتقد كل من المصليين أنه إمام صحت صلاتهما، إذ لا مقتضى للبطلان، أو أنه مأموم بطلت صلاتهما لأن كلا مقتد بمن يقصد الاقتداء به، وكذا لو شك فمن شك ولو بعد السلام كما في المجموع أنه إمام أو مأموم بطلت صلاته لشكه في أنه تابع أو متبوع. فلو شك أحدهما وظن الآخر صحت للظان أنه إمام دون الآخر، وهذا من المواضع التي فرقوا فيها بين الظن والشك. والبطلان بمجرد الشك إنما يأتي كما قال ابن الرفعة على طريق العراقيين، أما على طريق المراوزة ففيه التفصيل في الشك في النية، وقد مر بيانه في باب صفة الصلاة. (ولا) قدوة (بمن تلزمه إعادة كمقيم تيمم) لفقد الماء، ولا من على بدنه نجاسة يخاف من غسلها، ومحدث صلى على حسب حاله لاكراه أو لفقد الطهورين، ولو كان المقتدي مثله لعدم الاعتداد بصلاته كالفاسدة. فإن قيل: لم يأمر (ص) من صلى خلف عمرو بن العاص بالإعادة حيث صلى بالتيمم للبرد. أجيب بأن عدم الامر لا يقتضي عدم وجوب القضاء لأنه على التراخي، وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز، ولجواز أنهم كانوا عالمين أو أنهم كانوا قد قضوا. (ولا) قدوة (قارئ