قال في المجموع: ويكره أيضا أن يقعد مادا رجليه. (ثم ينحني) المصلي قاعدا (لركوعه بحيث تحاذي) أي تقابل (جبهته ما قدام ركبتيه) وهذا أقل ركوعه، (والأكمل أن تحاذي موضع سجوده) لأنه يضاهي ركوع القائم في المحاذاة في الأقل والأكمل. (فإن عجز) المصلي (عن القعود) بأن ناله من القعود تلك المشقة الحاصلة من القيام، (صلى لجنبه) مستقبلا القبلة بوجهه ومقدم بدنه وجوبا لحديث عمرو السابق: وكالميت في اللحد. والأفضل أن يكون على (الأيمن) ويكره على الأيسر بلا عذر كما ذكره في المجموع. (فإن عجز) عن الجنب (فمستلقيا) على ظهره وأخمصاه للقبلة، ولا بد من وضع نحو وسادة تحت رأسه ليستقبل بوجهه القبلة إلا أن يكون في الكعبة وهي مسقوفة، فالمتجه كما قال في المهمات:
جواز الاستلقاء على ظهره وكدا على وجهه وإن لم تكن مسقفة لأنه كيفما توجه فهو متوجه لجزء منها. ويركع ويسجد بقدر إمكانه، فإن قدر المصلي على الركوع فقط كرره للسجود، ومن قدر على زيادة على أكمل الركوع تعينت تلك الزيادة للسجود، لأن الفرق بينهما واجب على المتمكن. ولو عجز عن السجود إلا أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه وكان بذلك أقرب إلى الأرض وجب، فإن عجز عن ذلك أومأ برأسه. والسجود أخفض من الركوع، فإن عجز فببصره، فإن عجز أجرى أفعال الصلاة بسننها على قلبه ولا إعادة عليه، ولا تسقط عنه الصلاة وعقله ثابت لوجود مناط التكليف.
فروع: لو قدر في أثناء صلاته على القيام أو القعود أو عجز عنه أتى بالمقدور له وبنى على قراءته، ويستحب إعادتها في الأوليين لتقع حال الكمال. وإن قدر على القيام أو القعود قبل القراءة قرأ قائما أو قاعدا، ولا تجزئه قراءته في نهوضه لقدرته عليها فيما هو أكمل منه، فلو قرأ فيه شيئا أعاده. وتجب القراءة في هوي العاجز لأنه أكمل مما بعده.
ولو قدر على القيام بعد القراءة وجب قيام بلا طمأنينة ليركع منه لقدرته عليه، وإنما لم تجب الطمأنينة لأنه غير مقصود لنفسه، وإن قدر عليه في الركوع قبل الطمأنينة ارتفع لها إلى حد الركوع عن قيام، فإن انتصب ثم ركع بطلت صلاته لما فيه من زيادة ركوع، أو بعد الطمأنينة فقد تم ركوعه، ولا يلزمه الانتقال إلى حد الراكعين. ولو قدر في الاعتدال قبل الطمأنينة قام واطمأن، وكذا بعدها إن أراد قنوتا في محله، وإلا يلزمه القيام لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول.
وقضية المعلل جواز القيام، وقضية التعليل منعه، وهو كما قال شيخنا أوجه، فإن قنت قاعدا بطلت صلاته.
فائدة: سئل الشيخ عز الدين عن رجل يتقي الشبهات ويقتصر على مأكول يسد الرمق من نبات الأرض ونحوه فضعف بسبب ذلك عن الجمعة والجماعة والقيام في الفرائض. فأجاب بأنه لا خير في ورع يؤدي إلى سقاط فرائض الله تعالى. (وللقادر) على القيام (التنفل قاعدا) بالاجماع سواء الرواتب وغيرها لأن النفل يكثر، فاشتراط القيام فيه يؤدي إلى الحرج أو الترك، ولهذا قيل: لا يصلي العيدين والكسوفين والاستسقاء من قعود مع القدرة لندرتها. (وكذا) له النفل (مضطجعا) مع القدرة على القيام (في الأصح) لحديث البخاري: من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما - أي مضطجعا - فله نصف أجر القاعد والأفضل أن يكون على شقه الأيمن، فإن اضطجع على الأيسر جاز. ويلزمه أن يقعد للركوع والسجود، وقيل: يومئ بهما أيضا، والثاني: لا يصح من اضطجاع لما فيه من انمحاق صورة الصلاة، قال في شرح مسلم: فإن استلقى مع إمكان الاضطجاع لم يصح، وقيل:
الأفضل أن يصلي مستلقيا فإن اضطجع صح، قال: والصواب الأول. ومحل نقصان أجر القاعد والمضطجع عند القدرة وإلا لم ينقص من أجرهما شئ. (الرابع) من أركان الصلاة: (القراءة) للفاتحة كما سيأتي. (ويسن بعد التحرم) أي عقبه ولو للنفل (دعاء الافتتاح) وهو: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي - أي عبادتي ومحياي - بفتح الياء - ومماتي - بإسكان الياء على ما عليه الأكثر فيهما، ويجوز فيهما الاسكان