مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٧١
السبكي: وكان الأليق ذكر هذه الصفات قبل قوله: سبحان ربي الأعلى. وبرفع كل منهم ذراعيه عن الأرض، فإن لحقه مشقة بالاعتماد على كفيه كأن طول المنفرد سجوده وضع ساعديه على ركبتيه كما قاله المتولي وغيره. (الثامن) من الأركان: (الجلوس بين سجدتيه مطمئنا) ولو في نفل، لحديث المسئ صلاته. وفي الصحيحين: كان (ص) إذا رفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالسا. وهذا فيه رد على أبي حنيفة حيث يقول: يكفي أن يرفع رأسه عن الأرض أدنى رفع كحد السيف. (ويجب أن لا يقصد برفعه غيره) لما مر في الركوع، فلو رفع فزعا من شئ لم يكف، ويجب عليه أن يعود إلى السجود. (وأن لا يطوله ولا الاعتدال) لأنهما ركنان قصيران ليسا مقصودين لذاتهما بل للفصل، وسيأتي حكم تطويلهما في سجود السهو إن شاء الله تعالى. هذا أقله، (وأكمله يكبر) بلا رفع يد مع رفع رأسه من سجوده للاتباع، رواه الشيخان. (ويجلس مفترشا) وسيأتي بيانه للاتباع، رواه الترمذي وقال حسن صحيح، ولان جلوسه يعقبه حركة، فكان الافتراش فيه أولى لأنه على هيئة المستوفز. وروى البويطي عن الشافعي أنه يجلس على عقبيه ويكون صدور قدميه على الأرض، وتقدم أن هذا نوع من الاقعاء مستحب، والافتراش أفضل منه.
(واضعا يديه) أي كفيه على فخذيه (قريبا من ركبتيه) بحيث تساوي رؤوس أصابعه ركبتيه. (وينشر أصابعه) إلى القبلة قياسا على السجود وغيره، ولا يضر انعطاف رؤوسها على الركبة كما قاله الشيخان، وإن أنكره ابن يونس وقال: ينبغي تركه لأنه يخل بتوجيهها للقبلة. وترك اليدين حواليه على الأرض كإرسالهما في القيام، وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى.
(قائلا: رب اغفر لي وارحمني وأجبرني وارفعني وارزقني وأهدني وعافني) للاتباع، روى بعضه أبو داود وباقيه ابن ماجة.
وارفعني وارحمني ليستا في المحرر والشرح، وأسقط من الروضة ذكر ارفعني، وزاد في الاحياء: واعف عني بعد قوله: وعافني. وفي تحرير الجرجاني يقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم. وفي رواية لمسلم: أن رجلا أتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك أي لأن الغفر الستر، والعافية: اندفاع البلاء عن البعد.
والأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم. (ثم يسجد) السجدة (الثانية كالأولى) في الأقل والأكمل كما قاله في المحرر.
فائدة: ما الحكمة في جعل السجود مرتين دون غيره؟ قيل: لأن الشارع لما أمر بالدعاء فيه وأخبر بأنه حقيق بالإجابة سجد ثانيا شكرا لله تعالى على الإجابة كما هو المعهود فيمن سأل ملكا شيئا فأنعم عليه به. وقيل: لأنه أبلغ في التواضع. وقيل: لأنه لما ترقى فقام ثم ركع ثم سجد وأتى بنهاية الخدمة أذن له في الجلوس فسجد ثانيا شكرا لله على استخلاصه إياه. وقيل: لأنه لما عرج به (ص) إلى السماء، فمن كان من الملائكة قائما سلموا عليه قياما ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته (ص)، ومن كان منهم راكعا رفعوا رؤوسهم من الركوع وسلموا عليه، ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته، فلذلك صار السجود مثنى مثنى، ومن كان منهم ساجدا رفعوا رؤوسهم وسلموا عليه ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته، فلم يرد الله أن يكون للملائكة حال إلا وجعل لهذه الأمة حالا مثل حالهم، قاله القرطبي. وقيل: إشارة إلى أنه خلق من الأرض وسيعود إليها، وقيل غير ذلك. وجعل المصنف للسجدتين ركنا واحدا، وصححه في البيان، والأصح كما في الوسيط أنهما ركنان. وفائدة الخلاف كما قاله في الكفاية تظهر في المأموم إذا تقدم على إمامه في الافعال أو تأخر عنه، وقدمت الجواب عنه عند قوله: السابع السجود. (والمشهور سن جلسة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532