منحنيا) إلى قدامه أو خلفه، (أو مائلا) إلى يمينه أو يساره، (بحيث لا يسمى قائما لم يصح) قيامه لتركه الواجب بلا عذر.
والانحناء السالب للاسم أن يصير إلى الركوع أقرب كما في المجموع، ومقتضاه أنه لو كان أقرب إلى القيام أو استوى الأمران صح، وهو كذلك وإن نظر فيه الأذرعي. ولو استند إلى شئ كجدار أجزأه مع الكراهة، ولو تحامل عليه وكان بحيث لو رفع ما استند إليه لسقط لوجود اسم القيام، وإن كان بحيث يرفع قدميه إن شاء وهو مستند لم يصح، لأنه لا يسمى قائما بل معلقا نفسه. (فإن لم يطق انتصابا) لنحو مرض ككبر، (وصار كراكع فالصحيح أنه يقف) وجوبا (كذلك) لأنه إلى القيام أقرب، (ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر) على الزيادة ليتميز الركنان. والثاني: لا، بل يقعد، فإذا وصل إلى الركوع لزمه الارتفاع، لأن حد الركوع يفارق حد القيام، فلا يتأدى هذا بذاك. (ولو أمكنه) القيام متكئا على شئ أو القيام على ركبتيه لزمه ذلك لأنه ميسوره، أو أمكنه (القيام دون الركوع والسجود) لعلة بظهره مثلا تمنع الانحناء (قام) وجوبا (وفعلهما بقدر إمكانه) في الانحناء لهما بالصلب، لقوله (ص) في الحديث الصحيح: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. فإن عجزه فبالرقبة والرأس، فإن عجز أومأ إليهما. ولو قدر على الركوع دون السجود أتى به مرتين: مرة للركوع ومرة للسجود، وإن قدر على زيادة على الركوع لزمه أن يقتصر في الركوع على حد الكمال ويأتي بالزيادة للسجود. ومن قدر على القيام والاضطجاع فقط قام بدل القعود، قال في الروضة عن البغوي: لأنه قعود وزيادة، وأومأ بالركوع والسجود إمكانه وتشهد قائما. (ولو عجز عن القيام قعد) للحديث السابق وللاجماع، (كيف شاء) لاطلاق الحديث المذكور، ولا ينقص ثوابه عن ثواب المصلي قائما لأنه معذور. قال الرافعي: ولا نعني بالعجز عدم الامكان فقط، بل في معناه خوف الهلاك أو الغرق وزيادة المرض، أو لخوف مشقة شديدة، أو دوران الرأس في حق راكب السفينة كما تقدم بعض ذلك. قال في زيادة الروضة: والذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة تذهب خشوعه، لكنه قال في المجموع: إن المذهب خلافه اه. وجمع شيخي بين كلامي الروضة والمجموع بأن إذهاب الخشوع ينشأ عن مشقة شديدة. (و) لكن (افتراشه) وسيأتي في بيانه موضع قيامه، (أفضل من تربعه) وغيره (في الأظهر) لأنها هيئة مشروعة في الصلاة فكانت أولى من غيرها. والثاني: تربيعه أفضل، وهو نصه في البويطي. وقيل: إن تربيع المرأة أفضل، واختاره في الحاوي لأنه أستر لها، وقيل: التورك أفضل لأنه أعون للمصلي. فإن قيل: لا يؤخذ من العبارة تفضيل الافتراش على سائر الهيئات بل على التربيع فقط، ولم يقيده في المحرر بالتربيع. أجيب بأنه إذا فضل على التربيع فغيره أولى، وفيه نظر إذ لا يلزم من أفضليته على التربيع أفضليته على التورك، لأن التورك قعود عبادة، بخلاف التربيع، وإنما فضل الافتراش على التورك لأنه قعود يعقبه حركة فأشبه التشهد الأول، فلو أطلق كالمحرر أو زاد ما قدرته كان أولى. (ويكره الاقعاء) هنا وفي سائر قعدات الصلاة للنهي عنه كما أخرجه الحاكم وصححه. وفسر الاقعاء بتفاسير، أحسنها ما ذكره المصنف بقوله: (بأن يجلس) المصلي (على وركيه) وهما أصل فخذيه، (ناصبا ركبتيه) بأن يلصق ألييه بموضع صلاته، وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز، وضم إليه أبو عبيدة أن يضع يديه على الأرض. ووجه النهي عنه ما فيه من التشبه بالكلب والقرد كما وقع التصريح به في بعض الروايات. ومن الاقعاء نوع مستحب عند المصنف وابن الصلاح، وهو أن يفرش رجليه ويضع ألييه على عقبيه، وجعله الرافعي أحد الأوجه في تفسير الاقعاء المكروه، وعلى هذا فهو تفسير ثان للمكروه، وفسر البيهقي المستحب بأن يضع أطراف أصابعه بالأرض وألييه على عقبيه، وفي البويطي نحوه، وظاهره نصب قدميه لا فرشهما. والتفسير الثالث أن يضع يديه على الأرض ويقعد على أطراف أصابعه.