فلا تنعقد أصلا لاشتراط الجماعة فيها. والثاني: لا يشترط فيها ما ذكر لأنها لا تصح إلا جماعة، فكان التصريح بنية الجمعة مغنيا عن التصريح بنية الجماعة. (فلو ترك هذه النية وتابعه في) جنس (الافعال) أو تابعه وهو شاك في النية المذكورة نظرت، فإن ركع معه أو سجد مثلا بعد انتظار كثير عرفا (بطلت صلاته على الصحيح) حتى لو عرض له الشك في التشهد الأخير لم يجز أن يوقف سلامه لأنه على سلامه وقف صلاته على صلاة غيره من غير رابط بينهما، والثاني: يقول: المراد بالمتابعة هنا أن يأتي بالفعل بعد الفعل لا لأجله وإن تقدمه انتظار كثير له. قال الشارح: فلا نزاع في المعنى، أي لأن القولين لم يتواردا على محل واحد. وخرج بقوله: تابعه ما لو وقعت المتابعة اتفاقا، وبقولنا: بعد انتظار كثير عرفا ما لو كان الانتظار يسيرا عرفا، فإن ذلك لا يضر لأنه في الأول لا يسمى متابعة، وفي الثانية مغتفر لقلته. ولا يؤثر شكه فيما ذكر بعد السلام كما في التحقيق وغيره بخلاف الشك في أصل النية كما مر، لأنه شك في الانعقاد بخلافه هنا. ويستثنى مما علم من أن الشك لا يبطل الصلاة بغير متابعة ما لو عرض في الجمعة فيبطلها إذا طال زمنه لأن نية الجماعة فيها شرط.
تنبيه: لو عبر المصنف بفعل بدل الافعال لاستغنى عن التقدير المذكور. وما ذكرته في مسألة الشك تبعا لشيخنا هو المعتمد وإن اقتضى قول العزيز وغيره أن الشك فيها كالشك في أصل النية أنها تبطل بالانتظار الطويل وإن لم يتابع وباليسير مع المتابعة. (ولا يجب) على المأموم (تعيين الإمام) في النية باسمه كزيد أو عمرو، بل تكفي نية الاقتداء بالإمام أو الحاضر أو نحو ذلك، لأن مقصود الجماعة لا يختلف بالتعيين وعدمه، بل قال الإمام وغيره: الأولى أن لا يعينه في نيته لأنه ربما عينه فبان خلافه فتبطل صلاته كما قال. (فإن عينه) ولم يشر إليه (وأخطأ) كأن نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا أو اعتقد أنه الإمام فبان مأموما أو غير مصل، (بطلت صلاته) أي لم تنعقد لربطه صلاته بمن لم ينو الاقتداء به، كمن عين الميت في صلاته أو نوى العتق في كفارة ظهار وأخطأ فيهما. وقول الأسنوي بطلانها بمجرد الاقتداء غير مستقيم، بل تصح صلاته منفردا لأنه لا إمام له، ثم إن تابعه المتابعة المبطلة بطلت، مردود بأن فساد النية مفسد للصلاة، كما لو اقتدى بمن شك في أنه مأموم وبأن ما يجب التعرض له فيها إذا عينه وأخطأ بطلت كما مر، فإن علق القدوة بشخصه سواء أعبر عنه بمن في المحراب أم بزيد هذا أم بهذا الحاضر أم بهذا أم بالحاضر، وظنه زيدا فبان عمرا لم يضر، لأن الخطأ لم يقع في الشخص لعدم تأتيه فيه بل في الظن، ولا عبرة بالظن البين خطؤه، بخلاف ما لو نوى القدوة بالحاضر مثلا ولم يعلقها بشخصه لأن الحاضر صفة لزيد الذي ظنه وأخطأ فيه، والخطأ في الموصوف يستلزم الخطأ في الصفة فبان أنه اقتدى بغير الحاضر. (ولا يشترط للإمام) في صحة الاقتداء في غير الجمعة (نية الإمامة) لاستقلاله (بل تستحب) ليحوز فضيلة الجماعة، فإن لم ينو لم تحصل له إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نوى، وتصح نيته لها مع تحرمه وإن لم يكن إماما في الحال لأنه سيصير إماما وفاقا للجويني وخلافا للعمراني في عدم الصحة حينئذ. وإذا نوى في أثناء الصلاة حاز الفضيلة من حين النية ولا تنعطف نيته على ما قبلها، بخلاف ما لو نوى الصوم في النفل قبل الزوال فإنها تنعطف على ما قبلها، لأن النهار لا ينبعض صوما وغيره بخلاف الصلاة فإنها تنبعض جماعة وغيرها. أما في الجمعة فيشترط أن يأتي بها فيها، فلو تركها لم تصح جمعته لعدم استقلاله فيها سواء أكان من الأربعين أم زائدا عليهم. نعم إن لم يكن من أهل الوجوب ونوى غير الجمعة لم يشترط ما ذكر، وظاهر أن الصلاة المعادة كالجمعة إذ لا تصح فرادى فلا بد من نية الإمام فيها (فإن أخطأ) الإمام في غير الجمعة وما ألحق بها (في تعيين تابعه) الذي نوى الإمامة به (لم يضر) لأن غلطه في النية لا يزيد على تركها. أما إذا نوى ذلك في الجمعة أو ما ألحق بها فيضر، لأن ما يجب التعرض له يضر الخطأ فيه كما مر. (وتصح قدوة المؤدي بالقاضي والمفترض بالمتنفل وفي الظهر بالعصر وبالعكوس) أي القاضي بالمؤدي والمتنفل بالمفترض وفي العصر بالظهر، إذ لا يتغير نظم الصلاة باختلاف النية. واحتج الشافعي رضي الله تعالى عنه على اقتداء المفترض بالمتنفل بخبر الصحيحين: أن معاذا كان يصلي مع النبي (ص)