أو زرع أو اندرس بأن ذهبت أصول حيطانه لأنه ليس محل إقامة، بخلاف ما ليس كذلك فإنه يشترط مجاوزته كما صححه في المجموع وإن كان ظاهر عبارة المصنف خلافه تبعا للغزالي والبغوي. (و) لا مجاوزة (البساتين) والمزارع به وإن اتصلتا بما سافر منه أو كانتا محوطتين لأنهما لا يتخذان للإقامة. وظاهر عبارة المصنف أنه لا فرق في البساتين بين أن يكون فيها قصور أو دور تسكن في بعض فصول السنة أو لا، وهو كذلك كما قال في المجموع إنه الظاهر، لأنها ليست من البلد، وقال في المهمات: إن الفتوى عليه، أي وإن اشترط في الروضة مجاوزتها. وأسقط المصنف في المحرر المزارع التي زدتها لأنها لا تفهم من البساتين بطريق الأولى. (والقرية) فيما ذكر (كبلدة) والقريتان المتصلتان يشترط مجاوزتهما والمنفصلتان ولو يسيرا يكفي مجاوزة إحداهما. (وأول سفر ساكن الخيام) كالاعراب (مجاوزة الحلة) فقط وهي بكسر الحاء بيوت مجتمعة أو متفرقة بحيث يجتمع أهلها للسمر في ناد واحد ويستعير بعضهم من بعض، ويدخل في مجاوزتها عرفا مرافقها كمطرح الرماد وملعب الصبيان والنادي ومعاطن الإبل لأنها معدودة من مواضع إقامتهم. ويعتبر مع مجاوزة المرافق مجاوزة عرض الوادي إن سافر عرضه والهبوط إن كان في ربوة والصعود إن كان في وهدة، هذا إن اعتدلت الثلاثة، فإن أفرطت سعتها اكتفى بمجاوزة الحلة عرفا، والحلتان كالقريتين. وإن نزلوا على محتطب أو ماء فلا بد من مجاوزته إلا أن يتسع بحيث لا يختص بالنازلين، وظاهر أن ساكن غير الأبنية والخيام كنازل بطريق خال عنهما رحله كالحلة فيما تقرر.
فائدة: الخيمة أربعة أعواد تنصب وتسقف بشئ من نبات الأرض، وجمعها خيم كتمرة وتمر، وتجمع الخيم على خيام فهو جمع الجمع. وأما ما يتخذ من شعر أو وبر أو نحوه فيقال له: خباء، وقد يطلق عليه خيمة تجوزا. ويعتبر في سير البحر المتصل ساحله بالبلد جري السفينة أو الزورق إليها، قاله البغوي وأقره عليه ابن الرفعة وغيره، لكن في المجموع إذا صار خارج البلد ترخص وإن كان ظهره ملصقا بالسور، وظاهر أن آخر عمران ما لا سور له كالسور، فيحتمل أن يقال سير البحر يخالف سير البر أو يمنع أن آخر العمران كالسور. ويحمل كلام البغوي على ما لا سور له وهذا هو الظاهر، ويؤيد هذا أنه لو اتصلت قرية لا سور لها بأخرى كذلك كانتا كقرية، بخلاف اتصال قرية لها سور بأخرى. وبما تقرر علم أنه لا أثر لمجرد نية السفر لتعلق القصر في الآية بالضرب في الأرض، ويخالف نية الإقامة كما سيأتي، لأن الإقامة كالقنية في مال التجارة كذا فرق الرافعي تبعا لبعض المراوزة، وقضيته كما قال الزركشي وغيره أنه لا يعتبر في نية الإقامة المكث وليس مرادا كما سيأتي فالمسألتان كما قال الجمهور مستويتان في أن مجرد النية لا يكفي فلا حاجة لفارق. (وإذا) فارق ما شرط مجاوزته ثم (رجع) إليه من دون مسافة القصر لحاجته كتطهر أو نوى الرجوع له وهو مستقل ماكث ولو بمكان لا يصلح للإقامة، فإن كان وطنه صار مقيما بابتداء رجوعه أو نيته فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلى أن يفارق وطنه تغليبا للوطن. وحكى فيه في أصل الروضة وجها شاذا أنه يترخص إلى أن يصله اه. والأول هو المعتمد وإن نازع فيه البلقيني والأذرعي وغيرهما. وإن لم يكن وطنه يترخص وإن دخله ولو كان دار إقامته لانتفاء الوطن فكانت كسائر المنازل، فإن رجع من السفر الطويل (انتهى سفره ببلوغه ما شرط مجاوزته ابتداء) من سور أو غيره فيترخص إلى أن يصل إلى ذلك.
فإن قيل: ينبغي أن لا ينتهي سفره إلا بدخوله العمران أو السور كما لا يصير مسافرا إلا بخروجه منه، وفي نسخة من الروض ما يدل لذلك. أجيب بأن ما في المتن هو المنقول، والفرق أن الأصل الإقامة فلا تنقطع إلا بتحقق السفر وتحققه بخروجه من ذلك، والسفر على خلاف الأصل فانقطع بمجرد الوصول وإن لم يدخل، فعلم أنه ينتهي بمجرد بلوغه مبتدأ سفره من وطنه وإن كان مارا به سفره كأن خرج منه ثم رجع من بعيد قاصدا المرور به من غير إقامة لا من بلد يقصده ولا بلد له فيها أهل وعشيرة لم ينو الإقامة بكل منهما فلا ينتهي سفره بوصوله إليهما، بخلاف ما إذا نوى الإقامة بهما ينتهي سفره بذلك. وينتهي أيضا بما ذكره بقوله: (ولو نوى) المسافر المستقبل ولو محاربا (إقامة أربعة أيام) تامة بلياليها أو نوى الإقامة وأطلق، (بموضع) عينه صالح للإقامة، وكذا غير صالح كمفازة على الأصح، (انقطع سفره بوصوله) أي بوصول