البطلان فيهما. قال في المجموع وغيره: والمشاركة أولى. والصلاة على النبي (ص) دعاء فيؤمن لها كما صرح به المحب الطبري شارح التنبيه، وقال الغزي: ويحتمل أنها ثناء، بل قيل: يشاركه، وإن قيل إنها دعاء لم يبعد، ففي الخبر: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي اه، ولذا قال بعض مشايخي: الأولى أن يؤمن على إمامه ويقوله بعده، والأول أوجه. وقيل: يؤمن في الكل، وقيل: يوافقه في الكل كالاستعاذة، وقيل: يتخير بين التأمين والقنوت. هذا كله إذا قلنا يجهر به الإمام أو خالف السنة على القول الثاني وجهر به كما يؤخذ مما مر فيما إذا جهر بالسرية. أما إذا لم يجهر به أو جهر به ولم يسمعه فإنه يقنت كما قال: (فإن لم يسمعه) لصمم أو بعد أو لعدم جهره به أو سمع صوتا لم يفسره (قنت) ندبا معه سرا كسائر الدعوات والأذكار التي لا يسمعها. (ويشرع) أي يسن (القنوت) بعد التحميد (في) اعتدال أخيرة (سائر) أي باقي (المكتوبات للنازلة) أي التي نزلت، كأن نزل بالمسلمين خوف أو قحط أو وباء أو جراد أو نحوها للاتباع، لأنه (ص) قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه القراء ببئر معونة، رواه الشيخان مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي. (لا مطلقا على المشهور) لأنه (ص) لم يقنت إلا عند النازلة. وخالفت بالصبح غيرها لشرفها ولأنها أقصر الفرائض فكانت بالزيادة أليق.
والثاني: يتخير بين القنوت وعدمه ويجهر به الإمام في الجهرية والسرية ويسر به المنفرد كما في قنوت الصبح. وخرج بالمكتوبات غيرها من نفل ومنذور وصلاة جنازة فلا يسن القنوت فيها، ففي الام: ولا قنوت في صلاة العيدين والاستسقاء، فإن قنت لنازلة لم أكرهه وإلا كرهته. قال في المهمات: وحاصله أنه لا يسن في النفل وفي كراهته التفصيل اه. ويقاس على النفل في ذلك المنذور. قال شيخنا: والظاهر كراهته مطلقا في صلاة الجنازة لبنائها على التخفيف، وقضية إطلاق النازلة أنه لا فرق بين العامة والخاصة ببعضهم كالاسر ونحوه حتى يستحب له ولغيره، وهذا هو الظاهر وإن كان كلامهم يشعر بخلافه. قال في المهمات: وقد يقال بالمشروعية، ويتجه أن يقال إن كان ضرره متعديا كأسر العالم والشجاع ونحوهما قنتوا وإلا فلا. (السابع) من الأركان: (السجود) مرتين لكل ركعة، لقوله تعالى: * (اركعوا واسجدوا) * ولخبر: إذا قمت إلى الصلاة وإنما عدا ركنا واحدا لاتحادهما كما عد بعضهم الطمأنينة في محالها الأربعة ركنا واحدا لذلك. وهو لغة التطامن والميل، وقيل الخضوع والتذلل، (و) شرعا (أقله مباشرة بعض جبهته مصلاه) أي ما يصلي عليه من أرض أو غيرها لخبر: إذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقر نقرا رواه ابن حبان في صحيحه، ولخبر خباب بن الأرت: شكونا إلى رسول الله (ص) حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي لم يزل شكوانا، رواه البيهقي بسند صحيح، ورواه مسلم بغير جباهنا وأكفنا. فلو لم تجب مباشرة المصلي بالجبهة لأرشدهم إلى سترها. وقيل: يجب وضع جميعها. وعلى الأول يستحب، بل الاقتصار على بعضها مكروه. وإنما اكتفى به لصدق اسم السجود عليها بذلك، وخرج بها الجبين والأنف فلا يكفي وضعهما ولا يجب لما سيأتي. (فإن سجد على متصل به) كطرف كمه الطويل أو عمامته، (جاز إن لم يتحرك بحركته) لأنه في حكم المنفصل عنه، فإن تحرك بحركته في قيام أو قعود أو غيرهما كمنديل على عاتقه لم يجز، فإن كان متعمدا عالما بطلت صلاته أو ناسيا أو جاهلا لم تبطل وأعاد السجود. ولو صلى من قعود فلم يتحرك بحركته، ولو صلى من قيام لتحرك لم يضر إذ العبرة بالحالة الراهنة، هذا هو الظاهر وإن لم أر من تعرض له. ويؤخذ من كلامه أن الامتناع على اليد بطريق الأولى، وخرج بمتصل به ما هو في حكم المنفصل. وإن تحرك بحركته كعود بيده فلا يضر السجود عليه كما في المجموع في نواقض الوضوء. وفرق بين صحة صلاته فيما إذا سجد على طرف ملبوسه ولم يتحرك بحركته وعدم صحتها فيما إذا كان به نجاسة بأن المعتبر هنا وضع جبهته على قرار للامر بتمكينها كما مر. وإنما يخرج القرار بالحركة، والمعتبر ثم أن لا يكون شئ مما ينسب إليه ملاقيا لها لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * والطرف المذكور من ثيابه ومنسوب إليه. ولو سجد على شئ في موضع سجوده كورقة فإن التصقت بجبهته وارتفعت معه وسجد عليها ثانيا ضر، وإن نحاها ثم سجد لم يضر. ولو سجد على عصابة جرح أو نحوه لضرورة بأن شق عليه إزالتها لم يلزمه الإعادة، لأنها إذا لم تلزمه مع الايماء