يقرأ في الظهر بالاوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية وكذا في العصر وهكذا في الصبح اه. وإنما لم تجب السورة لحديث: أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها عوض منها رواه الحاكم، وقال: إنه على شرطهما. وخرج بقوله: بعد الفاتحة ما لو قرأها قبلها أو كرر الفاتحة، فإنه لا يجزئه لأنه خلاف ما ورد في السنة، ولان الشئ الواحد لا يؤدى به فرض ونفل في محل واحد.
نعم لو لم يحسن غير الفاتحة وأعادها يتجه كما قال الأذرعي الاجزاء، ويحمل كلامهم على الغالب. ويحصل أصل السنة بقراءة شئ من القرآن ولو آية، والأولى ثلاث آيات لتكون قدر أقصر سورة، والسورة الكاملة أفضل من قدرها من طويلة لأن الابتداء بها والوقف على آخرها صحيحان بالقطع بخلافهما في بعض السورة فإنهما يخفيان. ومحله في غير التراويح، أما فيها فقراءة بعض الطويلة أفضل كما أفتى به ابن عبد السلام وغيره. وعللوه بأن السنة فيها القيام بجميع القرآن، وعليه فلا يختص ذلك بالتراويح، بل كل محل ورد فيه الامر بالبعض فالاقتصار عليه أفضل كقراءة آيتي البقرة وآل عمران في ركعتي الفجر. (قلت: فإن سبق بهما) أي بالثالثة والرابعة من صلاة نفسه لأن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، (قرأها فيهما) حين تداركهما (على النص، والله أعلم) لئلا تخلو صلاته من سورتين. وقيل: لا، كما لا يجهر فيهما على المشهور. وفرق الأول بأن السنة في آخر الصلاة الاسرار بخلاف القراءة فإنه لا يقال إنه لا يسن تركها، بل لا يسن فعلها، وأيضا القراءة سنة مستقلة، والجهر صفة للقراءة فكانت أحق. وإنما قدرت الثالثة والرابعة لا الأولتين وإن كان صحيحا أيضا لاتحاد الضميرين.
ثم محل ما تقرر على الأول كما أفهمه التعليل إذا لم يقرأ السورة في أولييه، فإن قرأها فيهما لسرعة قراءته وبطء قراءة إمامه أو لكون الإمام قرأها فيهما لم يسن له قراءتها في الأخيرتين، ولو سقطت قراءتها عنه لكونه مسبوقا أو بطئ القراءة فلا يقرؤها في الأخيرتين، ويستثنى من ذلك فاقد الطهورين إذا كان عليه حدث أكبر فلا يجوز له قراءة السورة كما تقدم في التيمم. (ولا سورة للمأموم) في جهرية (بل يستمع) لقراءة إمامه، لقوله تعالى: * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له) * الآية، وقوله (ص): إذا كنتم خلفي فلا تقرأوا إلا بأم القرآن حسن صحيح. والاستماع مستحب، وقيل واجب، وجزم به الفارقي في فوائد المهذب. (فإن) لم يسمع قراءته كأن (بعد) المأموم عنه أو كان به صمم أو سمع صوتا لا يفهمه كما قاله المصنف في أذكاره، (أو كانت) الصلاة (سرية) ولم يجهر الإمام فيها أو جهرية وأسر فيها، (قرأ) المأموم السورة (في الأصح) إذ لا معنى لسكوته. أما إذا جهر الإمام في السرية فإن المأموم يستمع لقراءته كما صرح به في المجموع اعتبارا بفعل الإمام، وصحح الرافعي في الشرح الصغير اعتبار المشروع في الفاتحة، فعلى هذا يقرأ المأموم في السرية مطلقا ولا يقرأ في الجهرية مطلقا، ومقابل الأصح لا يقرأ مطلقا لاطلاق النهي.
فروع: يستحب للإمام والمنفرد الجهر في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، وللإمام في الجمعة للاتباع والاجماع في الإمام وللقياس عليه في المنفرد، ويسر كل منهما فيما عدا ذلك، هذا في المؤداة، وأما المقضية فيجهر فيها من مغيب الشمس إلى طلوعها، ويسر من طلوعها إلى غروبها، ويستثنى كما قال الأسنوي صلاة العيد فإنه يجهر في قضائها كما يجهر في أدائها. هذا كله في حق الذكر، أما الأنثى والخنثى فيجهران حيث لا يسمع أجنبي، ويكون جهرهما دون جهر الذكر، فإن كان يسمعهما أجنبي أسرا، فإن جهرا لم تبطل صلاتهما. ووقع في المجموع والتحقيق أن الخنثى يسر بحضرة الرجال والنساء. قال في المهمات: وهو مردود، أي لأنه بحضرة النساء إما ذكر أو أنثى، وفي الحالين يسن له الجهر.
ويمكن حمل كلامهما على أنه يسر إذا اجتمع الرجال والنساء، وهو صحيح. وأما النوافل غير المطلقة فيجهر في صلاة العيدين وخسوف القمر والاستسقاء والتراويح والوتر في رمضان وركعتي الطواف إذا صلاهما ليلا، وسيأتي الكلام عليها في أبوابها إن شاء الله تعالى، ويسر فيما عدا ذلك. وأما النوافل المطلقة فيسر فيها نهارا ويتوسط فيها ليلا بين الاسرار والجهر إن لم يشوش على نائم أو مصل أو نحوه، وإلا فالسنة الاسرار، فقد نقل في المجموع عن العلماء: أن محل فضيلة