مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٥٥
قال في المجموع: ويكره أيضا أن يقعد مادا رجليه. (ثم ينحني) المصلي قاعدا (لركوعه بحيث تحاذي) أي تقابل (جبهته ما قدام ركبتيه) وهذا أقل ركوعه، (والأكمل أن تحاذي موضع سجوده) لأنه يضاهي ركوع القائم في المحاذاة في الأقل والأكمل. (فإن عجز) المصلي (عن القعود) بأن ناله من القعود تلك المشقة الحاصلة من القيام، (صلى لجنبه) مستقبلا القبلة بوجهه ومقدم بدنه وجوبا لحديث عمرو السابق: وكالميت في اللحد. والأفضل أن يكون على (الأيمن) ويكره على الأيسر بلا عذر كما ذكره في المجموع. (فإن عجز) عن الجنب (فمستلقيا) على ظهره وأخمصاه للقبلة، ولا بد من وضع نحو وسادة تحت رأسه ليستقبل بوجهه القبلة إلا أن يكون في الكعبة وهي مسقوفة، فالمتجه كما قال في المهمات:
جواز الاستلقاء على ظهره وكدا على وجهه وإن لم تكن مسقفة لأنه كيفما توجه فهو متوجه لجزء منها. ويركع ويسجد بقدر إمكانه، فإن قدر المصلي على الركوع فقط كرره للسجود، ومن قدر على زيادة على أكمل الركوع تعينت تلك الزيادة للسجود، لأن الفرق بينهما واجب على المتمكن. ولو عجز عن السجود إلا أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه وكان بذلك أقرب إلى الأرض وجب، فإن عجز عن ذلك أومأ برأسه. والسجود أخفض من الركوع، فإن عجز فببصره، فإن عجز أجرى أفعال الصلاة بسننها على قلبه ولا إعادة عليه، ولا تسقط عنه الصلاة وعقله ثابت لوجود مناط التكليف.
فروع: لو قدر في أثناء صلاته على القيام أو القعود أو عجز عنه أتى بالمقدور له وبنى على قراءته، ويستحب إعادتها في الأوليين لتقع حال الكمال. وإن قدر على القيام أو القعود قبل القراءة قرأ قائما أو قاعدا، ولا تجزئه قراءته في نهوضه لقدرته عليها فيما هو أكمل منه، فلو قرأ فيه شيئا أعاده. وتجب القراءة في هوي العاجز لأنه أكمل مما بعده.
ولو قدر على القيام بعد القراءة وجب قيام بلا طمأنينة ليركع منه لقدرته عليه، وإنما لم تجب الطمأنينة لأنه غير مقصود لنفسه، وإن قدر عليه في الركوع قبل الطمأنينة ارتفع لها إلى حد الركوع عن قيام، فإن انتصب ثم ركع بطلت صلاته لما فيه من زيادة ركوع، أو بعد الطمأنينة فقد تم ركوعه، ولا يلزمه الانتقال إلى حد الراكعين. ولو قدر في الاعتدال قبل الطمأنينة قام واطمأن، وكذا بعدها إن أراد قنوتا في محله، وإلا يلزمه القيام لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول.
وقضية المعلل جواز القيام، وقضية التعليل منعه، وهو كما قال شيخنا أوجه، فإن قنت قاعدا بطلت صلاته.
فائدة: سئل الشيخ عز الدين عن رجل يتقي الشبهات ويقتصر على مأكول يسد الرمق من نبات الأرض ونحوه فضعف بسبب ذلك عن الجمعة والجماعة والقيام في الفرائض. فأجاب بأنه لا خير في ورع يؤدي إلى سقاط فرائض الله تعالى. (وللقادر) على القيام (التنفل قاعدا) بالاجماع سواء الرواتب وغيرها لأن النفل يكثر، فاشتراط القيام فيه يؤدي إلى الحرج أو الترك، ولهذا قيل: لا يصلي العيدين والكسوفين والاستسقاء من قعود مع القدرة لندرتها. (وكذا) له النفل (مضطجعا) مع القدرة على القيام (في الأصح) لحديث البخاري: من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما - أي مضطجعا - فله نصف أجر القاعد والأفضل أن يكون على شقه الأيمن، فإن اضطجع على الأيسر جاز. ويلزمه أن يقعد للركوع والسجود، وقيل: يومئ بهما أيضا، والثاني: لا يصح من اضطجاع لما فيه من انمحاق صورة الصلاة، قال في شرح مسلم: فإن استلقى مع إمكان الاضطجاع لم يصح، وقيل:
الأفضل أن يصلي مستلقيا فإن اضطجع صح، قال: والصواب الأول. ومحل نقصان أجر القاعد والمضطجع عند القدرة وإلا لم ينقص من أجرهما شئ. (الرابع) من أركان الصلاة: (القراءة) للفاتحة كما سيأتي. (ويسن بعد التحرم) أي عقبه ولو للنفل (دعاء الافتتاح) وهو: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي - أي عبادتي ومحياي - بفتح الياء - ومماتي - بإسكان الياء على ما عليه الأكثر فيهما، ويجوز فيهما الاسكان
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532