مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٩
لا من حيث كونه فرضا وإلا لتضمن قصد الفرضية، فإن من قصد فعل الفرض فقد قصد الفرضية لا شك، فلا يحسن بعد ذلك قوله: (والأصح وجوب نية الفرضية) لأنه معنى الأول، وإنما وجبت نية الفرضية مع ما ذكر الصادق بالصلاة المعادة ليتعين بنية الفرض للصلاة الأصلية، وفي المعادة خلاف في نية الفرضية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة. والثاني: لا تجب لأن ما يعينه ينصرف إليها بدون هذه النية، بخلاف المعادة فلا ينصرف إليها إلا بقصد الإعادة. وعلى الأول تكفي نية النذر في المنذور عن نية الفرضية كما قاله في الذخائر، ولا تجب في صلاة الصبي كما صححه في التحقيق وصوبه في المجموع، خلافا لما في الروضة وأصلها لأن صلاته تقع نفلا، فكيف ينوي الفرضية.
فائدة: العبادات المشروط فيها النية في وجوب التعرض للفرض خمسة أقسام، الأول: يشترط بلا خلاف كالزكاة، هكذا في الدميري، وليس كذلك، لأن نية الفرضية في المال ليست بشرط لأن الزكاة لا تقع إلا فرضا، وبه فارقت ما لو نوى صلاة الظهر. الثاني: عكسه كالحج والعمرة. الثالث: يشترط على الأصح كالصلاة. الرابع: عكسه كصوم رمضان على ما في المجموع من عدم الاشتراط. الخامس: عبادة لا يكفي فيها ذلك بل يضر وهي التيمم، فإنه إذا نوى فرضه لم يكف.
(دون الإضافة إلى الله تعالى) فلا تجب لأن العبادة لا تكون إلا له تعالى، وقيل: تجب، ليتحقق معنى الاخلاص، وعلى الأول تستحب لذلك. قال الدميري: وفي تصوير عدم الإضافة إلى الله تعالى إشكال، فإن فعل الفرض لا يكون إلا لله، فلا ينفك قصد الفرضية عن نية الإضافة إلى الله تعالى اه‍. ولا تجب نية استقبال القبلة ولا عدد الركعات في الأصح فيهما ولكن تسن خروجا من الخلاف ولو غير العدد، كأن نوى الظهر ثلاثا أو خمسا لم ينعقد، وفرضه الرافعي في العالم، وقضيته أنه لا يضر في الغلط، ومقتضى قولهم: أن ما وجب التعرض له جملة يضر الخطأ فيه أنه يضر لأن الظهر يشتمل على العدد جملة فيضر الخطأ فيه، وهذا هو الظاهر. (و) الأصح (أنه يصح الأداء بنية القضاء) عند جهل الوقت بغيم أو نحوه، كأن ظن خروج الوقت فصلاها قضاء فبان بقاؤه. (وعكسه) كأن ظن بقاء الوقت فصلاها أداء فبان خروجه لاستعمال كل بمعنى الآخر، تقول: قضيت الدين وأديته بمعنى واحد، قال تعالى: * (فإذا قضيتم مناسككم) * أي أديتم. والثاني: لا يصح، بل يشترطان ليتميز كل منهما عن الآخر كما في الظهر والعصر. وعلى الأول يسن لذلك، أما إذا فعل ذلك عالما فلا تصح صلاته قطعا لتلاعبه كما نقله في المجموع عن تصريحهم. نعم إن قصد بذلك المعنى اللغوي لم يضر كما قاله في الأنوار، وقيل: يشترط التعرض لنية القضاء دون الأداء لأن الأداء يتميز بالوقت بخلاف القضاء، وقيل: إن كان عليه فائتة مثلها اشترط التعرض لنية الأداء وإلا فلا يشترط التعرض للوقت، فلو عين اليوم وأخطأ، قال البغوي والمتولي: صح في الأداء لأن معرفته بالوقت المتعين للفعل بالشروع فلغا خطؤه فيه، ولا تصح في القضاء لأن وقت الفعل غير متعين له بالشروع ولم ينو قضاء ما عليه. وقضية كلام أصل الروضة في التيمم الصحة مطلقا، وهو الظاهر. ومن عليه فوائت لا يشترط أن ينوي ظهر يوم كذا بل يكفيه نية الظهر أو العصر أو الفائتة إن شرطنا نية القضاء. (والنفل دون الوقت أو) ذو (السبب كالفرض فيما سبق) من اشتراط قصد فعل الصلاة وتعيينها، كصلاة الكسوف أو الاستسقاء أو عيد الفطر والأضحى أو راتبة العشاء. قال في المجموع: كسنة الظهر التي قبلها أو التي بعدها، وتبعه السبكي. ووجهه أن تعيينها إنما يحصل بذلك لاشتراكها في الاسم والوقت وإن لم يؤخر المقدمة، كما يجب تعيين الظهر لئلا يلتبس بالعصر، وكما يجب تعيين عيد الفطر عن الأضحى لئلا يلتبس به، فاندفع ما قيل إن محل هذا إذا أخر المقدمة عن الفرض. وقال ابن عبد السلام: ينبغي في صلاة العيد أن لا يجب التعرض لكونه فطرا أو نحرا لاستوائهما في جميع الصفات فيلتحق بالكفارات، بخلاف الكسوف والخسوف لاختلافهما بالجهر والاسرار. والوتر صلاة مستقلة فلا يضاف إلى العشاء، فإن أوتر بواحدة أو بأكثر ووصل نوى الوتر، وإن فصل نوى بالواحدة الوتر، ويتخير في غيرها بين نية صلاة الليل ومقدمة الوتر وسنته وهي أولى أو ركعتين من الوتر على الأصح. قال الأسنوي:
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532