لا من حيث كونه فرضا وإلا لتضمن قصد الفرضية، فإن من قصد فعل الفرض فقد قصد الفرضية لا شك، فلا يحسن بعد ذلك قوله: (والأصح وجوب نية الفرضية) لأنه معنى الأول، وإنما وجبت نية الفرضية مع ما ذكر الصادق بالصلاة المعادة ليتعين بنية الفرض للصلاة الأصلية، وفي المعادة خلاف في نية الفرضية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة. والثاني: لا تجب لأن ما يعينه ينصرف إليها بدون هذه النية، بخلاف المعادة فلا ينصرف إليها إلا بقصد الإعادة. وعلى الأول تكفي نية النذر في المنذور عن نية الفرضية كما قاله في الذخائر، ولا تجب في صلاة الصبي كما صححه في التحقيق وصوبه في المجموع، خلافا لما في الروضة وأصلها لأن صلاته تقع نفلا، فكيف ينوي الفرضية.
فائدة: العبادات المشروط فيها النية في وجوب التعرض للفرض خمسة أقسام، الأول: يشترط بلا خلاف كالزكاة، هكذا في الدميري، وليس كذلك، لأن نية الفرضية في المال ليست بشرط لأن الزكاة لا تقع إلا فرضا، وبه فارقت ما لو نوى صلاة الظهر. الثاني: عكسه كالحج والعمرة. الثالث: يشترط على الأصح كالصلاة. الرابع: عكسه كصوم رمضان على ما في المجموع من عدم الاشتراط. الخامس: عبادة لا يكفي فيها ذلك بل يضر وهي التيمم، فإنه إذا نوى فرضه لم يكف.
(دون الإضافة إلى الله تعالى) فلا تجب لأن العبادة لا تكون إلا له تعالى، وقيل: تجب، ليتحقق معنى الاخلاص، وعلى الأول تستحب لذلك. قال الدميري: وفي تصوير عدم الإضافة إلى الله تعالى إشكال، فإن فعل الفرض لا يكون إلا لله، فلا ينفك قصد الفرضية عن نية الإضافة إلى الله تعالى اه. ولا تجب نية استقبال القبلة ولا عدد الركعات في الأصح فيهما ولكن تسن خروجا من الخلاف ولو غير العدد، كأن نوى الظهر ثلاثا أو خمسا لم ينعقد، وفرضه الرافعي في العالم، وقضيته أنه لا يضر في الغلط، ومقتضى قولهم: أن ما وجب التعرض له جملة يضر الخطأ فيه أنه يضر لأن الظهر يشتمل على العدد جملة فيضر الخطأ فيه، وهذا هو الظاهر. (و) الأصح (أنه يصح الأداء بنية القضاء) عند جهل الوقت بغيم أو نحوه، كأن ظن خروج الوقت فصلاها قضاء فبان بقاؤه. (وعكسه) كأن ظن بقاء الوقت فصلاها أداء فبان خروجه لاستعمال كل بمعنى الآخر، تقول: قضيت الدين وأديته بمعنى واحد، قال تعالى: * (فإذا قضيتم مناسككم) * أي أديتم. والثاني: لا يصح، بل يشترطان ليتميز كل منهما عن الآخر كما في الظهر والعصر. وعلى الأول يسن لذلك، أما إذا فعل ذلك عالما فلا تصح صلاته قطعا لتلاعبه كما نقله في المجموع عن تصريحهم. نعم إن قصد بذلك المعنى اللغوي لم يضر كما قاله في الأنوار، وقيل: يشترط التعرض لنية القضاء دون الأداء لأن الأداء يتميز بالوقت بخلاف القضاء، وقيل: إن كان عليه فائتة مثلها اشترط التعرض لنية الأداء وإلا فلا يشترط التعرض للوقت، فلو عين اليوم وأخطأ، قال البغوي والمتولي: صح في الأداء لأن معرفته بالوقت المتعين للفعل بالشروع فلغا خطؤه فيه، ولا تصح في القضاء لأن وقت الفعل غير متعين له بالشروع ولم ينو قضاء ما عليه. وقضية كلام أصل الروضة في التيمم الصحة مطلقا، وهو الظاهر. ومن عليه فوائت لا يشترط أن ينوي ظهر يوم كذا بل يكفيه نية الظهر أو العصر أو الفائتة إن شرطنا نية القضاء. (والنفل دون الوقت أو) ذو (السبب كالفرض فيما سبق) من اشتراط قصد فعل الصلاة وتعيينها، كصلاة الكسوف أو الاستسقاء أو عيد الفطر والأضحى أو راتبة العشاء. قال في المجموع: كسنة الظهر التي قبلها أو التي بعدها، وتبعه السبكي. ووجهه أن تعيينها إنما يحصل بذلك لاشتراكها في الاسم والوقت وإن لم يؤخر المقدمة، كما يجب تعيين الظهر لئلا يلتبس بالعصر، وكما يجب تعيين عيد الفطر عن الأضحى لئلا يلتبس به، فاندفع ما قيل إن محل هذا إذا أخر المقدمة عن الفرض. وقال ابن عبد السلام: ينبغي في صلاة العيد أن لا يجب التعرض لكونه فطرا أو نحرا لاستوائهما في جميع الصفات فيلتحق بالكفارات، بخلاف الكسوف والخسوف لاختلافهما بالجهر والاسرار. والوتر صلاة مستقلة فلا يضاف إلى العشاء، فإن أوتر بواحدة أو بأكثر ووصل نوى الوتر، وإن فصل نوى بالواحدة الوتر، ويتخير في غيرها بين نية صلاة الليل ومقدمة الوتر وسنته وهي أولى أو ركعتين من الوتر على الأصح. قال الأسنوي: