كما في الصغير له، قال بعض المتأخرين: وهو الأشبه، ونقله في الكفاية عن نص الام. فإن استويا تخير، وقيل: يصلي مرتين. (وإن قدر) المكلف على تعلم الأدلة، (فالأصح وجوب التعلم) عند إرادة السفر لعموم حاجة المسافر إليها وكثرة الاشتباه عليه بخلافه في الحضر ففرض كفاية، إذ لم ينقل أنه (ص) ثم السلف بعده ألزموا آحاد الناس تعلمها بخلاف شروط الصلاة وأركانها. وما قررت به كلام المصنف وهو ما صححه في بقية كتبه وهو المعتمد، وإن كان ظاهره هنا الاطلاق، بل قال السبكي: محله في السفر الذي يقل فيه العارفون بأدلتها دون ما يكثر فيه كركب الحجيج فهو كالحضر، وهو تقييد حسن. (فيحرم) عليه (التقليد) ضاق الوقت عن التعلم أو اتسع، فإن ضاق صلى كيف كان ووجبت عليه الإعادة، والثاني: لا يجب عليه التعلم بخصوصه، بل هو فرض كفاية فيجوز له التقليد ولا يقضي ما يصليه به. (ومن صلى بالاجتهاد) منه أو من مقلده (فتيقن الخطأ) في جهة أو تيامن أو تياسر معينا قبل الوقت أو فيه أعاد، أو بعده (قضى) وجوبا (في الأظهر) وإن لم يظهر له الصواب لتيقنه الخطأ فيما يؤمن مثله في العادة، كالحاكم يحكم باجتهاده ثم يجد النص بخلافه، واحترزوا بقولهم: فيما يؤمن مثله في العادة عن الاكل في الصوم ناسيا والخطأ في الوقوف بعرفة حيث لا تجب الإعادة، لأنه لا يؤمن من مثله فيها. والثاني: لا يقضي لأنه ترك القبلة بعذر فأشبه تركها في حال القتال، ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم، واختاره المزني. وخرج بتيقن الخطأ ظنه، والمراد باليقين هنا ما يمنع الاجتهاد فيدخل فيه خبر الثقة عن معاينة، وبمعين المبهم كما في الصلاة إلى جهات أربع باجتهادات فلا قضاء فيها كما سيأتي. (فلو تيقنه فيها) أي الصلاة (وجب استئنافها) بناء على وجوب القضاء بعد الفراغ لعدم الاعتداد بما مضى، وإلى هذا البناء أشار بقوله: فلو، وينحرف عن مقابله إلى جهة الصواب ويتمها إن ظهر له مع ذلك جهة الصواب لأن الماضي معتد به. ودخل في عبارته تيقن الخطأ يمنة أو يسرة، وهو كذلك. (وإن تغير اجتهاده) ثانيا فظهر له الصواب في جهة غير الجهة الأولى، (عمل بالثاني) وجوبا إن ترجح، سواء أكان في الصلاة أم لا، لأنه الصواب في ظنه والخطأ فيه غير معين. (ولا قضاء) لأن الاجتهاد لا ينقص بالاجتهاد.
(حتى لو صلى) صلاة، (أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد) أربع مرات بالشرط المتقدم، (فلا) إعادة ولا (قضاء) لأن كل ركعة مؤداة باجتهاد ولم يتعين فيها الخطأ. فإن استويا ولم يكن في صلاة تخير بينهما إذ لا مزية لأحدهما على الآخر.
وإن كان فيهما عمل بالأول وجوبا كما نقله في أصل الروضة عن البغوي، وصوبه الأسنوي، خلافا لظاهر كلام المجموع من تصحيح وجوب العمل بالثاني ولو مع التساوي، وفارق حكم التساوي قبلها بأنه هنا التزم بدخوله فيها جهة فلا يتحول إلا بأرجح من أن التحول فعل أجنبي لا يناسب الصلاة فاحتيط لها، وشرط العمل بالثاني في الصلاة أن يظن الصواب مقارنا لظهور الخطأ، فإن لم يظنه مقارنا بطلت صلاته وإن قدر على الصواب على قرب، لمضي جزء من صلاته إلى غير قبلة محسوبة. ولو طرأ على المجتهد في أثناء صلاته شك في جهة القبلة ولم يترجح له شئ من الجهات لم يؤثر كما نقله في المجموع عن نص الام واتفاق الأصحاب.
خاتمة: لو اجتهد اثنان في القبلة واتفق اجتهادهما وصلى أحدهما بالآخر فتغير اجتهاد أحدهما لزمه الانحراف إلى الجهة الثانية، وينوي المأموم المفارقة وإن اختلفا تيامنا وتياسرا، والتغير المذكور عذر في مفارقة المأموم. ولو قيل لأعمى وهو في صلاته: صلاتك إلى الشمس، وهو يعلم أن قبلته غيرها استأنف لبطلان تقليد الأول بذلك. وإن أبصر وهو في أثنائها وعلم أنه للقبلة بخبر ثقة أو نجم أو محراب أو نحو ذلك أتمها، أو على الخطأ أو تردد بطلت لانتفاء ظن الإصابة، وإن ظن الصواب غير جهته انحرف إلى ما ظنه، كما لو تغير اجتهاد البصير فيها. ولو قال مجتهد للمقلد وهو في صلاته: أخطأ بك مقلدك، والمجتهد الثاني عنده أعرف من الأول، أو قال له: أنت على الخطأ قطعا، وإن لم يكن عنده أعرف من الأول، وجب عليه أن يتحول إن بان له الصواب مقارنا للقول بأن أخبر به وبالخطأ معا لبطلان تقليد الأول بقول من هو أرجح