على خطأ، فلو تخيل حاذق فيها يمنة أو يسرة فخياله باطل. ومحاريبه كل ما ثبتت صلاته فيه إذ لم يكن في زمنه (ص) هذا المحراب الذي هو الطاق المعروف. والمحراب لغة: صدر المجلس، سمي به لأن المصلي يحارب فيه الشيطان. وألحق بعض الأصحاب قبلة البصرة والكوفة بموضع صلى فيه النبي (ص) لنصب الصحابة لهما. ويجوز الاجتهاد في خربة أمكن أن يكون بناها الكفار، وكذا في طريق يندر مرور المسلمين بها أو يستوي مرور الفريقين بها. (وإلا) أي وإن لم يمكنه علم القبلة بشئ مما ذكر، (أخذ) وجوبا (بقول ثقة) بصير مقبول الرواية ولو عبدا أو امرأة، (يخبر عن علم) بالقبلة أو المحراب المعتمد. ولا يجوز له الاجتهاد، ويجب عليه السؤال عمن يخبره بذلك عند الحاجة إليه. فإن قيل: قد يشكل هذا بما تقدم من أن من بمكة وبينه وبين القبلة حائل لا يكلف الصعود. أجيب بأن السؤال لا مشقة فيه بخلاف الصعود، فإن فرض أن عليه في السؤال مشقة لبعد المكان أو نحوه كان الحكم فيها كما في تلك، نبه على ذلك الزركشي. وخرج بمقبول الرواية غيره كفاسق وصبي مميز وكافر. ويعتمد الأعمى ومن في ظلمة المحراب بالمس وإن لم يرياه قبل ذلك كما يعتمده البصير الذي ليس في ظلمة بالمشاهدة.
تنبيه: قد علم من عدم جواز الاجتهاد مع القدرة على الخبر عدم جواز الاخذ بالخبر مع القدرة على اليقين، وهو كذلك، فلا يجوز للأعمى ولا لمن هو في ليلة مظلمة الاخذ به مع القدرة على اليقين باللمس، نبه على ذلك شيخنا. نعم إن حصل له بذلك مشقة جاز له الاخذ بقول ثقة يخبر عن علم كما يؤخذ من الجواب المتقدم. (فإن فقد) ما ذكر (وأمكن الاجتهاد) بأن كان بصيرا يعرف أدلة القبلة وهي كثيرة: أضعفها الرياح لاختلافها، وأقواها القطب، قالا: وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي، وكأنهما سمياه نجما لمجاورته له، وإلا فهو كما قال السبكي وغيره: ليس نجما بل نقطة تدور عليها هذه الكواكب بقرب النجم، ويختلف باختلاف الأقاليم ففي العراق يجعله المصلي خلف أذنه اليمنى، وفي مصر خلف اليسرى، وفي اليمن قبالته مما يلي جانبه الأيسر، وفي الشام وراءه، وقيل: ينحرف بدمشق وما قاربها إلى الشرق قليلا. (حرم) عليه (التقليد) وهو قبول قول المخبر عن اجتهاد، لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا، ووجب عليه الاجتهاد إلا إن ضاق الوقت عنه، فالأصح أنه لا يجتهد ويصلي على حسب حاله ويعيد وجوبا. (فإن تحير) المجتهد فلم يظهر له شئ لنحو تعارض أدلة أو غيم أو ظلمة، (لم يقلد في الأظهر) لأنه مجتهد وقد يزول التحير عن قرب، (وصلى كيف كان) لحرمة الوقت (ويقضي) وجوبا لأنه نادر، والثاني: يقلد ولا يقضي لأنه الآن عاجز عن معرفة الصواب فأشبه الأعمى. قال الإمام: ومحل الخلاف عند ضيق الوقت، أما قبله فيمتنع التقليد قطعا. قال في شرح الوسيط: وما قاله الإمام شاذ، والمشهور التعميم. (ويجب تجديد الاجتهاد) أو التقليد في نحو الأعمى (لكل صلاة) مفروضة عينية ولو منذورة أو قضاء، (تحضر على الصحيح) وعبر في الروضة بالأصح إن لم يكن ذاكرا للدليل الأول سعيا في إصابة الحق لتأكد الظن عند الموافقة، وقوة الثاني عند المخالفة لأنها لا تكون إلا عن أمارة أقوى والأقوى أقرب إلى اليقين، والثاني: لا يجب لأن الأصل استمرار الظن الأول. أما إذا كان ذاكرا لدليله الأول فلا يجب عليه تجديد الاجتهاد قطعا ولا يجب للنافلة جزما، ومثلها صلاة الجنازة كما في التيمم. وعبارته شاملة لكل صلاة فلو عبر بالمفروضة العينية كما قدرته لسلم من ذلك. (ومن عجز) بفتح الجيم أفصح من كسرها، (عن الاجتهاد في) الكعبة (و) عن (تعلم الأدلة كأعمى) البصر أو البصيرة (قلد) وجوبا (ثقة) ولو عبدا أو امرأة (عارفا) بالأدلة، لقوله تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * بخلاف الفاسق والمميز وغير العارف، فإن صلى بلا تقليد قضى وإن صادف القبلة، بخلاف ما صلاه بالتقليد إذا صادف القبلة أو لم يتبين له الحال، ويعيد فيه السؤال لكل فريضة تحضر على الخلاف المتقدم في تجديد الاجتهاد كما ذكره في الكفاية، فإن اختلف عليه مجتهدان قلد أعلمهما ندبا كما في الشرح الكبير للرافعي، ووجوبا