ما سبق) وهو قدر ثلثي ذراع، أو استقبل شاخصا كذلك متصلا بالكعبة وإن لم يكن منها كشجرة نابتة وعصا مسمرة أو مبنية وإن لم يكن قدر قامته طولا وعرضا. (جاز) أي ما صلاه، لأنه متوجه إلى جزء من الكعبة أو إلى ما هو كالجزء منها، وإن خرج بعضه عن محاذاة الشاخص لأنه مواجه ببعضه جزءا وبباقيه هواء الكعبة، بخلاف ما إذا كان الشاخص أقل من ثلثي ذراع فلا تصح الصلاة إليه، لأنه سترة المصلي فاعتبر فيها قدرها، لأنه (ص) سئل عنها فقال: كمؤخرة الرحل رواه مسلم. وظاهر كلامهم أنه لو استقبل الشاخص المذكور في حال قيامه دون بقية صلاته كأن استقبل خشبة عرضها ثلثا ذراع معترضة في باب الكعبة تحاذي صدره في حال قيامه دون بقية صلاته أنها تصح، وفي ذلك وقفة، بل الذي ينبغي أنها لا تصح في هذه الحالة إلا على الجنازة، لأنه مستقبل في جميع صلاته بخلاف غيرها، لأنه في حال سجوده غير مستقبل لشئ منها. ولو أزيل هذا الشاخص في أثناء صلاته لم يضر، لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، وبخلاف ما إذا صلى إلى متاع موضوع أو زرع نابت أو خشبة مغروزة فيها لم تصح صلاته، لأن ذلك ليس كالجزء منها. فإن قيل: قد عدوا الأوتاد المغروزة من الدار بدليل دخولها في بيع الدار فلم لم يعدوا العصا المغروزة في الكعبة منها؟ أجيب بأن العادة جرت بغرز الأوتاد في الدار للمصلحة فعدت من الدار لذلك، ولو وقف خارج العرصة ولو على جبل أجزأه ولو بغير شاخص، لأنه يعد متوجها إليها بخلاف المصلي فيها، والغرض في القبلة إصابة العين في القرب يقينا وفي البعد ظنا، فلا يكفي إصابة الجهة للأدلة السابقة أول الفصل. فلو خرج عن محاذاة الكعبة ببعض بدنه بأن وقف بطرفها، وخرج عنه ببعضه بطلت صلاته. ولو امتد صف طويل بقرب الكعبة وخرج بعضهم عن المحاذاة بطلت صلاته لأنه ليس مستقبلا لها، ولا شك أنهم إذا بعدوا عنها حاذوها وصحت صلاتهم وإن طال الصف، لأن صغير الحجم كلما زاد بعده زادت محاذاته كغرض الرماة، واستشكل بأن ذلك إنما يحصل مع الانحراف. ولو استقبل الركن صح كما قاله الأذرعي، لأنه مستقبل البناء المجاور للركن، وإن كان بعض بدنه خارجا عن الركن من الجانبين، بخلاف ما لو استقبل الحجر - بكسر الحاء - فقط لأنه لا يكفي لأن كونه من البيت مظنون لا مقطوع به لأنه إنما ثبت بالآحاد. ولو استدبر الكعبة ناسيا وطال الزمن بطلت صلاته، لمنافاة ذلك لها، بخلاف ما إذا قصر أو أميل عنها قهرا بطلت صلاته، وإن قصر الزمن. وصلاة النفل في الكعبة أفضل منه خارجها، وكذا الفرض إن لم ترج جماعة خارجها، فإن رجيت فخارجها أفضل، لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها، كالجماعة ببيته فإنها أفضل من الانفراد في المسجد وكالنافلة ببيته فإنها أفضل منها في المسجد، وإن كان المسجد أفضل منه، وإنما لم يراع خلاف من قال بعدم صحة الصلاة في الكعبة لعدم احترامه بمخالفته لسنة صحيحة، فإنه (ص) صلى فيها. (ومن أمكنه علم القبلة) بأن كان بحضرة البيت أو بمكة ولا حائل أو على جبل أبي قبيس أو على سطح بحيث يعاينها وشك فيها لظلمة أو غيرها لم يعمل بغير علمه، و (حرم عليه التقليد) أي الاخذ بقول مجتهد (والاجتهاد) أي العمل به كالحاكم يجد النص، وكذا يحرم عليه الاخذ بخبر الغير كما يعلم مما سيأتي. ولو عبر المصنف بقوله: حرم عليه الرجوع إلى غيره لشمله، فإن قبول قول المخبر ليس تقليدا. ولو بنى محرابه على العيان صلى إليه أبدا ولا يحتاج في كل صلاة إلى المعاينة، وكذا لو صلى بالمعاينة لا يحتاج إليها في كل صلاة. وفي معنى المعاين من نشأ بمكة، وتيقن إصابة القبلة وإن لم يعاينها حين يصلي. ولو حال بين الحاضر بمكة وبين الكعبة حائل خلقي كجبل أو حادث كبناء جاز له أن يجتهد للمشقة في تكليف المعاينة كما ذكره في التحقيق، ومحله إذا كان لحاجة فإن بنى حائلا منع المشاهدة بلا حاجة لم تصح صلاته بالاجتهاد لتفريطه، ومحله أيضا عند فقد المخبر عن علم، فإن وجب فهو مقدم على الاجتهاد كما سيأتي. ولا يجوز له الاجتهاد في محاريب المسلمين ومحاريب معظم طريقهم وقراهم القديمة إن نشأ بها قرون من المسلمين، وإن صغرت وخربت إن سلمت من الطعن، لأنها لم تنصب إلا بحضرة جمع من أهل المعرفة بالأدلة، فجرى ذلك مجرى الخبر عن علم إلا تيامنا وتياسرا فيجوز إذ لا يبعد الخطأ فيهما بخلافه في الجهة. ولا يجوز ذلك في محراب النبي (ص) ومساجده التي صلى فيها إن علمت، لأنه لا يقر (ص)
(١٤٥)