وعلى كلا الوجهين يكون للمقرض في المنفعة أو الدين المذكورين حق نظير حقه في الرهن يقتضي حجرهما له واستحقاقه استيفاء دينه منهما، ولا يصح الالتزام بكونهما وثيقة على نحو الاستقلال من دون شرط سابق، نظير ما تقدم في الوجه الأول لانشاء الرهن، فإن ذلك يختص برهن الأعيان. وبلحاظ مشروعية الوجه السابق يصح تعميم الرهن للمنافع والديون.
(مسألة 10): رهن المنافع بالوجه المتقدم يبتني..
تارة: على التعجيل باستيفائها بالأجر ثم حفظ الأجر ليستوفى منه الدين عند حلوله.
أخرى: على عدم استيفائها إلا عند حلول الدين، فيستوفي منها حينئذ صاحب الدين بنفسه ما يقابل دينه، أو تستأجر العين ويستوفى الدين من أجرتها.
وكذلك الديون حيث يبتني رهنها..
تارة: على التعجيل باستيفائها وحفظ المال ليستوفى منه الدين عند حلوله.
وأخرى: على عدم استيفائها إلا عند حلول الدين.
وتعيين أحد هذه الوجوه تابع لاتفاق الطرفين.
(مسألة 11): تعارف في عصورنا أن يشترط الدائن على المدين استيفاء دينه من راتبه الشهري الذي يستحقه بعمله بقدر معين أو بنسبة معينة في كل شهر. وذلك إن ابتنى على التزام المدين للدائن بالعمل الذي يستحصل به الراتب - بحيث ليس له التفرغ وترك العمل - كان مبتنيا على ما سبق من رهن المنافع، لأن الأعمال من جملة المنافع، وإن لم يبتن على ذلك بأن لم يكن ملزما من قبله بالعمل، فهو أجنبي عن الرهن، وراجع إلى اشتراط الوفاء من مال خاص، وهو شرط نافذ، وإن لم يكن ذلك المال مستحقا بعمل، بل كان من سنخ التبرع، كما لو اشترط الدائن على المدين أن يوفي دينه مما يصل له من حقوق شرعية أو عادات على الناس أو هبات مبتدأة خاصة، أو نحو ذلك. ومنه الرواتب التي تبذل في عصورنا للمشتغلين بطلب العلوم الدينية.