إذا كان لرجل زوجة فوجدها أبوه على فراشه فوطئها يعتقدها زوجة نفسه، ثم جاء الابن فوطئها يعتقد أنها على الزوجية وأن أباه ما وطئها، فقد انفسخ نكاحها بوطئ الأب، وحرمت على كل واحد منهما على التأبيد، أما الأب فكانت محرمة عليه على التأبيد بعقد نكاح ولده عليها، لأنها من حائل الأبناء، وحرمت على الابن على التأبيد لأنه إذا وطئها أبوه بشبهة صارت من حلائل الآباء، وهو قوي على مذهبنا أيضا لقوله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم " وذلك عام في العقد والوطء.
وأما المهر فإن كان زوجها دخل بها قبل الفسخ، فلها عليه كل المسمى، وإن لم يكن دخل بها فنصف المسمى لأن الفسخ جاء لا من قبلها قبل الدخول، ولها على الأب مهر مثلها لأنه وطئها بشبهة ولها على الابن مهر مثلها أيضا لأنه وطئها بشبهة بعد زوال النكاح، ولا يرجع الابن على أبيه بشئ وإن كان قد حال بينه وبين زوجته.
قالوا: أليس لو أرضعتها أمه انفسخ نكاحها ورجع على أمه بالمهر؟ هلا قلتم يرجع على أبيه بالمهر قبل الفصل بينهما؟
قلنا: إن أباه قد لزمه مهر مثلها لها بوطئه إياها، فلم يجز أن يوجب عليه مهرا ثانيا، وليس كذلك إذا أرضعتها أمه لأنه ما وجب عليها للزوجة مهر بإرضاعها إياها، فلهذا أوجبنا عليها له مهر مثلها.
وقال بعضهم: هذا بعيد وعلى الأب مهر مثلها لها، وعليه لولده مهرها، لأن المهر وجب لها عليه بوطئه إياها بشبهة وإتلاف بضعها عليها، ووجب لولده عليه لأجل الحيلولة بينه وبين بعضها، فلا يسقط أحدهما بالآخر، وهذا هو الأقوى عندي إذا قلنا بما قالوه.
ويقوى في نفسي أنها لا تحرم على الابن بحال، بوطئ الأب لأنه لا دليل عليه، والأصل ثبات العقد، والأول أحوط لما قلناه من الآية.
رجل له زوجتان صغيرة لها دون الحولين، وكبيرة بها لبن من غيره، فيطلقهما معا فتزوج بهما رجل آخر معا، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما، لأنه صار جامعا بين المرأة وابنتها في النكاح، فانفسخ النكاحان معا.