يسقط حقها منه بستة ألفاظ: العفو والتمليك والهبة والإسقاط والترك والإبراء، فإذا عفت بواحدة منها فهل يفتقر إلى قبوله أم لا؟ قيل فيه وجهان: الأولى أن نقول يفتقر إلى قبوله.
وإن اختار أن يعفو هو له ليكمل لها الصداق فهو على وجهين:
إن قلنا ما ملك النصف وإنما ملك أن يملك، صح أن يعفو عن حقه بالألفاظ الستة، فإذا فعل شيئا منها سقط حقه، ولا يفتقر إلى قبول، لأن الذي ثبت له الخيار، وهو أنه ملك أن يملك، فإذا كان كذلك سقط حقه، ولم يفتقر إلى القبول كالشفيع.
وإذا قلنا: ملك نصف الصداق ملكا تاما، برئت ذمته عن النصف فلا يصح أن يعفو لها عن شئ سقط عن ذمته، فإن اختار أن يجدد هبة من عنده يهب لها فعل، وإلا فالعفو لا يصح، هذا الكلام فيه إذا كان في ذمته.
وأما إذا كان في ذمتها مثل أن أصدقها عبدا فأتلفته أو طعاما فأكلته فلا شئ الآن في ذمتها، فإذا طلقها قبل الدخول صار له النصف، فإن اختارت العفو عن حقها ليكمل الصداق لم يصح، لأن ذمتها بريئة عن نصفها من الصداق، فلا يصح منها العفو عنه لكن إن اختارت أن تجدد هبة تهبها منه فعلت.
فأما إن اختار أن يعفو هو عن نصفه، فإن قلنا ما ملك وإنما ملك أن يملك صح عفو بأحد الألفاظ الستة، فإذا فعل لم يفتقر إلى قبول كالشفيع، وإذا قلنا:
ملك النصف ملكا تاما، فهذا له في ذمتها، نصف الصداق، فله العفو عنه لها بأحد الألفاظ الستة، وهذا الذي نختاره، فإذا فعل فهل يفتقر إلى قبولها؟ فعلى وجهين على ما مضى، هذا كله إذا كان الصداق دينا.
فأما إن كان عينا لم يدخل من أحد أمرين: إما أن يكون في يده أو في يدها.
فإن كان في يده وطلقها قبل الدخول صار نصفه له، وبقى نصفه لها، فإن عفا أحدهما لصاحبه نظرت:
فإن عفت هي عن حقها منه فهو هبة نصف عين مشاعة لها في يديه، فيصح