فأما من تجبر على نكاح لصغر أو بكارة فلا تكون مفوضة البضع أبدا، ومتى عقد وليها مفوضة لم تكن مفوضة ووجب مهر المثل بالعقد عند قوم، وعندنا بالدخول إلا في مسألة وهي الأمة يزوجها سيدها مفوضة فيصح هذا وإن كان ذلك عن إجبار لأن السيد هو الذي اختار ذلك، والمهر له، فلهذا صح أن تكون مفوضة.
فكل موضع حكمنا بأنها مفوضة لم يجب لها بالعقد مهر ولا المطالبة بالمهر لأن المهر ما وجب، لكن لها المطالبة بفرض المهر، والمهر يجب لها بالفرض منهما أو من الحاكم أو الدخول بها قبل الفرض أو بالموت عند من قال: إن الموت كالدخول.
فإذا ثبت هذا وطلقها زوجها، فإما أن يكون بعد الفرض أو قبله، فإن كان بعد الفرض فالكلام عليه يأتي، وإن كان قبل الفرض فلا مهر لها عند بعضهم، لكن يجب لها المتعة، وهو الذي نختاره، وكم قدر المتعة؟ يأتي، وفيه خلاف.
فأما مقداره ففيه مستحب وفيه واجب، فالمستحب أن يمتعها بخادم، فإن لم يجد فمقنعة فإن لم يجد فثلاثين درهما، وأما مقدار الواجب فعلى ما يفرضه السلطان، والاعتبار بهما جميعا عندنا، وقال قوم: الاعتبار به لقوله: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "، وهذا هو الأقوى، وفيهم من قال: الاعتبار بها بحسب يسارها وإعسارها وجمالها، وقال قوم: قدر المتعة ثلاثة أثواب: درع وخمار وملحفة.
هذا إذا طلقها قبل الفرض وقبل الدخول.
فأما إذا طلقها بعد الفرض وقبل الدخول مثل أن اتفقا على الفرض وهما يعلمان قدر مهر المثل أو ترافعا إلى السلطان ففرض لها المهر، فمتى فرض لها المهر بعد العقد كان كالمسمى بالعقد تملك المطالبة به.
فإن دخل بها أو مات استقر ذلك، وإن طلقها قبل الدخول سقط نصفه عنه ولها نصفه، ولا متعة عليه، وفيه خلاف.