كانت حرة استقر مهرها بلا خلاف، وإن كانت أمة منهم من قال: لا يسقط المهر، وقال شاذ منهم: يسقط المهر لأن المملوكة كالسلعة في البيع فإذا تلفت قبل القبض رجع المشتري بالبدل، والأول أصح.
على هذا القول إذا زوج الرجل أمته كان له بيعها، فإذا باعها كان بيعها طلاقها عندنا، وخالف الجميع في ذلك وقالوا: العقد باق بحاله، ثم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يغيبها أو لا يغيبها.
فإن غيبها بأن يسافر بها أو كان بدويا فأخرجها إلى البادية فلا نفقة لها لأن النفقة في مقابلة التمكن من الاستمتاع، فأما المهر فإن كان الزوج قد دخل بها فقد استقر المهر، فإن كان السيد الأول قبضه فذلك له، وإلا كان للثاني مطالبة الزوج به، وإن لم يكن دخل بها لم يجب على الزوج تسليم المهر، فإن كان الزوج قد أقبضه استرده، وإن لم يكن أقبضه لم يكن عليه إقباضه.
وإن لم يغيبها المشتري فهو بالخيار بين أن يرسلها إلى زوجها مطلقا، وبين أن يمسكها نهارا ويرسلها إليه ليلا، وقال قوم: إن كان في يدها صنعة تعملها مثل التكك وغيرها فعليه أن يرسلها ليلا ونهارا، وقال قوم: هذا غلط لا يلزمه إرسالها نهارا لأن له استخدامها في غير الصنعة، فإن بيتها معه البيتوتة التامة بأن أرسلها ليلا ونهارا كان عليه نفقتها.
والمهر فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يكون صحيحا أو فاسدا أو مفوضة، فإن كان صحيحا وهو المسمى بالعقد كان للسيد الأول، لأنه وجب في ملكه، وإن كان فاسدا لزمه مهر المثل بالعقد، وكان للسيد الأول، لأنه وجب بالعقد، وكانت حين العقد في ملكه، وأما المفوضة هو أن يكون نكاح بلا مهر، أو يقول:
زوجتكها على أن لا مهر لها، فالمهر لا يجب بالعقد لكن للسيد أن يفرض مهرا، فإذا فرض لها المهر فإن كان قبل البيع فهو للأول لأنه وجب والملك له، وإن كان الفرض بعد البيع قيل فيه وجهان: أحدهما أنه الثاني، والثاني أنه للأول.
وهكذا إذا زوج أمته مفوضة ثم أعتقها ثم فرض المهر، فيه وجهان: أحدهما